للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليه، أو قيل له: اذهبْ فاملأْ هذه الجرَّة، فذهب وملأها ثم تركها على الحوض وقال: لم تقل ائْتِني بها. وكمن قال لوكيله: بعْ هذه السلعة، فباعها بدرهم وهي تساوي مائة، ويَلزم مَن وقف مع الظواهر أن يصحِّح هذا البيع ويُلزِم به الموكِّل، وإن نظر إلى المقاصد تناقض حيث ألغاها في غير موضع. وكمن أعطاه رجل ثوبًا فقال: والله لا ألبسه لما له (١) فيه من المنَّة، فباعه وأعطاه ثمنه فقبِلَه. وكمن قال: والله لا أشرب هذا الشراب، فجعله عقيدًا أو ثَرَدَ فيه خبزًا وأكله.

ويلزم مَن وقف مع الظواهر والألفاظ أن لا يحدَّ من فعل ذلك بالخمر، وقد أشار النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى أن من الأمة من يتناول المحرَّم ويسمِّيه بغير اسمه، فقال: «ليشربنَّ ناسٌ من أمتي الخمرَ يسمُّونها بغير اسمها، يُعزَف على رؤوسهم بالمعازف والمغنيات، يَخسِف الله بهم الأرض، ويجعل منهم القردة والخنازير». رواه أحمد وأبو داود (٢). وفي «مسند الإمام أحمد» (٣) مرفوعًا: «يشربُ ناس من أمتي الخمرَ يسمُّونها بغير اسمها». وفيه (٤) عن


(١) «له» ليست في د.
(٢) رواه بهذا التمام ابن ماجه (٤٠٢٠) من حديث أبي مالك الأشعري. ورواه أحمد (٢٢٩٠٠) وأبو داود (٣٦٨٨) مختصرًا، وفي إسناده مالك بن أبي مريم لا يعرف إلا برواية حاتم عنه، ولكن له شواهد ومتابعات يصحح بها، وقد صححه ابن حبان (٦٧٥٨) وابن القيم في «إغاثة اللهفان» (١/ ٢٦١)، وحسنه ابن تيمية في «بيان الدليل» (ص ٦١). انظر: «تحريم آلات الطرب» (ص ٤٣).
(٣) رقم (١٨٠٧٣) ورواه أيضًا النسائي (٥٦٥٨) عن رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإسناده صحيح.
(٤) «المسند» (٢٢٧٠٩). ورواه ابن ماجه (٣٣٨٥)، وجوَّد إسناده ابن حجر في «الفتح» (١٠/ ٥١).