للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عبادة بن الصامت عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «يشربُ ناسٌ من أمتي الخمرَ باسمٍ يسمُّونها إياه». وفي «سنن ابن ماجه» (١) من حديث أبي أمامة يرفعه: «لا تذهبُ الليالي والأيام حتى تشربَ طائفة من أمتي الخمر يسمُّونها بغير اسمها».

قال شيخنا (٢): وقد جاء حديث آخر يوافق هذا مرفوعًا وموقوفًا من حديث ابن عباس: «يأتي على الناس زمانٌ يُستحلُّ فيه خمسةُ أشياء بخمسة أشياء: يستحلّون الخمر باسمٍ يسمُّونها إيَّاه، والسُّحت بالهدية، والقتل بالرهبة، والزنا بالنكاح، والربا بالبيع» (٣). وهذا حق؛ فإن استحلال الربا باسم البيع ظاهر، كالحيل الربوية التي صورتها صورة البيع وحقيقتها حقيقة الربا، ومعلوم أن الربا إنما حُرِّم لحقيقته ومفسدته [٣٩/ب] لا لصورته واسمه، فهَبْ أن المرابي لم يسمِّه ربًا وسماه بيعًا فذلك لا يُخرِج حقيقته وماهيته عن نفسها.

وأما استحلال الخمر باسم آخر فكما استحلّ من استحلّ المسكر من


(١) رقم (٣٣٨٤)، وفي إسناده عبد السلام بن عبد القدوس متكلم فيه، والحديث يشهد له ما قبله كحديث عبادة، وحديث أبي مالك الأشعري. وانظر: «السلسلة الصحيحة» (٩٠).
(٢) في «بيان الدليل» (ص ٦٩).
(٣) رواه الخطابي في «غريب الحديث» (١/ ٢١٨) عن الأوزاعي مرفوعًا. وإسناده معضل. ورويت بعض جمله في «ترتيب الأمالي الخميسية» للشجري (٢/ ٣٧٤) برقم (٢٨٠٦) من طريق محمد بن كثير القرشي عن داود بن أبي هلال عن الشعبي عن حذيفة مرفوعًا. وفي إسناده محمد بن كثير القرشي، قال أحمد كما في «العلل» رواية ابنه عبد الله (٣/ ٤٣٨): خرقنا حديثه، ولم يرضَه.