للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

علم الله ورسوله والملائكة والزوج والمرأة أنه محلِّل لا ناكح، وأنه ليس بزوج، وإنما هو تَيْس مستعار للضِّراب بمنزلة حمار العُشْريين (١).

فيا لله العجب! أي فرق في نفس الأمر بين الزنا وبين هذا؟ نعم هذا زنًا بشهود من البشر وذلك زنًا بشهود من الكرام الكاتبين كما صرح به أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقالوا: «لا يزالان زانيينِ وإن مكثا عشرين سنة إذا علم الله أنه إنما يريد أن يُحِلَّها» (٢)، والمقصود أن هذا المحلل إذا قيل له: هذا زنا، قال: ليس بزنا بل نكاح، كما أن المرابي إذا قيل له: هذا ربا، قال: بل هو بيع، وكذلك كل من استحل محرَّمًا بتغيُّر اسمه وصورته، كمن يستحلّ الحشيشة باسم لُقَيمة الراحة، ويستحلّ المعازف كالطنبور والعود والبربط باسم يسمِّيها به، وكما يسمي بعضهم المغنّي بالحادي والمُطرِب والقوَّال، وكما يسمِّي الديُّوث بالمصلح والموفِّق والمحسِّن (٣)، ورأيت من يسجد لغير الله من الأحياء والأموات ويسمِّي ذلك وضع الرأس للشيخ؛ قال: ولا أقول: هذا سجود.

وهكذا الحيل سواء؛ فإن أصحابها يَعمِدون إلى الأحكام فيعلِّقونها بمجرد اللفظ، ويزعمون أن الذي يستحلُّونه ليس بداخل في لفظ الشيء المحرم، مع القطع بأن معناه معنى الشيء المحرم؛ فإن الرجل إذا قال لمن له عليه ألف: اجعلْها ألفًا ومائة إلى سنة بإدخال هذه الخرقة وإخراجها صورةً


(١) الذي يُكتَرى للتقفيز على الإناث، كما في «مجموع الفتاوى» (٣٢/ ٩٤). وفي «زاد المعاد» (٥/ ٢٥٧): كحمار العشريين المستعار للضراب.
(٢) رواه عبد الرزاق (١٠٧٧٨) بنحوه، وذكره شيخ الإسلام ابن تيمية في «بيان الدليل» (ص ٤٠٣) بهذا اللفظ، وعزاه إلى حسين بن حفص والجوزجاني.
(٣) د: «والمحسن والموفق».