للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال آخرون: قد كان لأبيه وأمه مدح غير هذا، نرى أن تجلده الحدّ، فجلده عمر الحدَّ ثمانين (١)، وهذا لا يدل على أن القائل الأول خالف عمر؛ فإنه لما قيل له إنه قد كان لأبيه وأمه مدحٌ غير هذا فهم أنه أراد القذف فسكت، وهذا إلى الموافقة أقرب منه إلى المخالفة.

وقد صحَّ عن عمر من وجوه أنه حدَّ في التعريض، فروى معمر عن الزهري عن سالم عن أبيه أن عمر كان يحدُّ في التعريض بالفاحشة (٢)، وروى ابن جريج عن ابن أبي مُليكة عن صفوان وأيوب عن عمر أنه حدَّ في التعريض (٣). وذكر أبو عمر (٤) أن عثمان كان يحد في التعريض وذكره ابن أبي شيبة (٥)، وكان عمر بن عبد العزيز يرى الحدّ في التعريض (٦). وهو قول أهل المدينة [٤٤/أ] والأوزاعي، وهو محض القياس، كما يقع الطلاق والعتق والوقف والظهار بالصريح والكناية، واللفظ إنما يُراد لدلالته على المعنى؛ فإذا ظهر المعنى غاية الظهور لم يكن في تغيير اللفظ كبير فائدة.

وأما قوله: «من حكم على الناس بخلاف ما ظهر عليهم لم يسلَمْ من خلاف التنزيل والسنة»، فإنه يشير بذلك إلى قبول توبة الزنديق وحَقْن دمه بإسلامه، وقبول توبة المرتدّ وإن وُلِد على الإسلام، وهاتان مسألتان فيهما


(١) تقدم تخريجه.
(٢) رواه عبد الرزاق (١٣٧٠٣).
(٣) رواه عبد الرزاق (١٣٧٠٥).
(٤) في «الاستذكار» (٢٤/ ١٢٧).
(٥) في «المصنّف» (٢٨٩٦٦).
(٦) رواه عبد الرزاق (١٣٧١٨، ١٣٧١٩).