للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الربا، فانظر إلى حمايته الذريعةَ إلى ذلك بكل طريق. وقد احتج بعض المانعين لمسألة [٤٨/أ] مُدّ عَجْوة (١) بأن قال: إن من جوَّزها يجوِّز أن يبيع الرجل ألفَ دينارٍ في منديل بألف وخمسمائة مفردة، قال: وهذه (٢) ذريعة إلى الربا، ثم قال: يجوز أن يُقرِضه ألفًا ويبيعه المنديل بخمسمائة. وهذا هو بعينه الذي نهى عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو من أقرب الذرائع إلى الربا، ويلزم من لم يسدَّ الذرائع أن يخالف النصوص ويجيز ذلك، فكيف يترك أمرًا ويرتكب نظيره من كل وجه؟

الوجه الثالث والعشرون: أن الآثار المتظاهرة في تحريم العِينة (٣) عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (٤) وعن الصحابة (٥) تدل على المنع من عود السلعة إلى البائع وإن لم يتواطآ على الربا، وما ذاك إلا سدًّا للذريعة.

الوجه الرابع والعشرون: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - منع المُقرِض من قبول الهدية (٦)،


(١) مسألة مشهورة في الفقه، وهي بيع مالٍ ربوي بربوي آخر من جنسه مع ربوي من غير جنسه (أي غير جنس الربوي المبيع)، ومثلوا لذلك بمدّ عجوة ودرهم.
(٢) ز: «وهذا».
(٣) هي أن يبيع سلعةً لرجلٍ إلى أجلٍ ثم يبتاعها منه بأقل من ذلك.
(٤) رواه أبو داود (٣٤٦٢) من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما -. والحديث جوّد إسناده ابن تيمية في «مجموع الفتاوى» (٢٩/ ٣٠)، وصححه الألباني في «الصحيحة» (١١).
(٥) كابن عباس وابن عمر - رضي الله عنهم -. انظر: «مصنف ابن أبي شيبة» (٢٠٥٢٧، ٢٠٥٢٣).
(٦) رواه ابن ماجه (٢٤٣٢) والبيهقي (٥/ ٣٥٠) من حديث أنس - رضي الله عنه -. وفي إسناده عتبة بن حميد الضَبّي متكلم فيه، وإسماعيل بن عياش ضعيف في غير الشاميين، وكذلك جهالة يحيى الهُنَائي، والحديث ضعفه الألباني في «الإرواء» (٥/ ٢٣٦) و «الضعيفة» (١١٦٢).