للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكذلك الصحابة (١)، حتى يحسبها من دينه، وما ذاك إلا لئلا يتخذ ذريعةً إلى تأخير الدَّين لأجل الهدية فيكون ربًا؛ فإنه يعود إليه ماله، وأخذ الفضل الذي استفاده بسبب القرض.

الوجه الخامس والعشرون: أن الوالي والقاضي والشافع ممنوع من قبول الهدية، وهو أصل فساد العالم، وإسناد الأمر إلى غير أهله، وتولية الخَوَنة والضعفاء (٢) والعاجزين، وقد دخل بذلك من الفساد ما لا يحصيه إلا الله، وما ذاك إلا لأن قبول هدية مَن لم تجرِ عادته بمهاداته ذريعة إلى قضاء حاجته، وحبُّك الشيء يُعمي ويُصِمّ، فيقوم عنده شهوة لقضاء حاجته مكافأة له مقرونة بسرّية (٣) وإغماض عن كونه لا يصلح.

الوجه السادس والعشرون: أن السنة مضت بأنه ليس للقاتل من الميراث شيء (٤)، إما عمدًا كما قال مالك، وإما مباشرةً كما قال أبو حنيفة، وإما قتلًا مضمونًا بقصاص أو دية أو كفارة، وإما قتلًا بغير حق، وإما قتلًا مطلقًا كما هي أقوال في مذهب الشافعي وأحمد، وسواء قصد القاتل أن يتعجَّل الميراث أو لم يقصده فإن رعاية هذا القصد غير معتبرة في المنع وفاقًا، وما ذاك إلا لأن توريث القاتل ذريعة إلى وقوع هذا الفعل؛ فسدَّ الشارع الذريعةَ بالمنع.


(١) ز: «أصحابه».
(٢) ز: «للضعفاء».
(٣) كذا في النسختين. وفي المطبوع: «بشره».
(٤) تقدم تخريجه.