للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من أهل رفقته (١). قالوا: وما ذاك إلا لأنه لو جاز أن يأكل منه أو يطعم أهل رفقته قبل بلوغ المحلِّ فربما دعاه ذلك إلى أن يقصِّر في عَلْفِها وحفظها، لحصول غرضه من عَطَبها دون المحلّ كحصوله بعد بلوغ المحلّ من أكله هو ورفقته وإهدائهم إلى أصحابهم، فإذا أيِسَ من حصول غرضه في عطبها كان ذلك أدعى إلى حفظها حتى تبلغ محلَّها وأحسمَ لمادة هذا الفساد، وهذا من ألطف أنواع سدِّ الذرائع.

الوجه الثاني والأربعون: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر الملتقط (٢) أن يشهد على اللقطة (٣)، وقد علم أنه أمين، وما ذاك إلا سدًّا لذريعة الطمع والكتمان، فإذا بادر وأشهد كان أحسمَ لمادة الطمع والكتمان، وهذا أيضًا من ألطف أنواعها.

الوجه الثالث والأربعون: أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تقولوا ما شاء الله وشاء محمد» (٤)، وذم الخطيب الذي قال: «من يُطعِ الله ورسولَه فقد رشد، ومن عصاهما فقد غوى» (٥)، سدًّا لذريعة التشريك في المعنى بالتشريك في اللفظ، وحسمًا لمادة الشرك حتى في اللفظ، ولهذا قال للذي قال له «ما شاء


(١) رواه مسلم (١٣٢٥) من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -.
(٢) د: «اللقيط»، وفي هامشها: «لعله الملتقط».
(٣) رواه أحمد (١٧٤٨١) وأبو داود (١٧٠٩) وابن ماجه (٢٥٠٥) من حديث عياض بن حمار - رضي الله عنه -، وصححه ابن حبان (٤٨٩٤).
(٤) رواه أحمد (٢٣٢٦٥) أبو داود (٤٩٨٠) من حديث حذيفة - رضي الله عنه -، وصححه العراقي في «تخريج أحاديث الإحياء» (ص ١٠٥٥) والألباني في «الصحيحة» (١٣٧).
(٥) رواه مسلم (٨٧٠) من حديث عدي بن حاتم - رضي الله عنه -.