للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الله وشئتَ»: «أجعلتَني لله نِدًّا» (١)؟ فحسمَ مادة الشرك وسدَّ الذريعة إليه في اللفظ كما سدَّها في الفعل والقصد، فصلوات الله وسلامه عليه أكمل صلاة وأزكاها وأتمَّها.

الوجه الرابع والأربعون: أنه - صلى الله عليه وسلم - أمر المأمومين أن يصلُّوا قعودًا إذا صلَّى إمامهم (٢) قاعدًا (٣)، وقد تواتر عنه ذلك، ولم يجئ عنه ما ينسخه، وما ذاك إلا سدًّا لذريعة مشابهة الكفار [٤٩/ب] حيث يقومون على ملوكهم وهم قعود، كما علَّل به صلوات الله وسلامه عليه، وهذا التعليل منه يُبطِل قول من قال: إنه منسوخ، مع أن ذلك دعوى لا دليل عليها.

الوجه الخامس والأربعون: أنه - صلى الله عليه وسلم - أمر المصلِّي بالليل إذا نَعَسَ أن يذهب فليرقُد، وقال: «لعله يذهبُ يستغفرُ فيسبُّ نفسَه» (٤)، فأمره بالنوم لئلا تكون صلاته في تلك الحال ذريعةً إلى سبِّه لنفسه، وهو لا يشعر لغلبة النوم.

الوجه السادس والأربعون: أن الشارع صلوات الله عليه نهى أن يخطب الرجل على خِطبة أخيه (٥)، أو يستام على سَوْمِ أخيه أو يبيع على بيع


(١) رواه البخاري في «الأدب المفرد» (٧٨٣) والطبراني (١٣٠٠٥) بلفظ: «جعلت لله ندًا»؛ ورواه النسائي في «الكبرى» (١٠٧٥٩) والبيهقي في «الأسماء والصفات» (٢٩٣) بلفظ: «أجعلتني لله عدلًا»، كلهم من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -. والحديث حسَّنه العراقي في «تخريج الإحياء» (ص ١٠٥٦) والألباني في «الصحيحة» (١٣٩).
(٢) د: «الإمام».
(٣) رواه البخاري (٦٨٨، ٦٨٩، ٧٢٢) ومسلم (٤١٢، ٤١١، ٤١٤) من حديث عائشة وأنس وأبي هريرة - رضي الله عنهم -. وانفرد مسلم (٤١٣) بروايته من حديث جابر - رضي الله عنه -.
(٤) رواه البخاري (٢١٢) ومسلم (٧٨٦) من حديث عائشة - رضى الله عنها -.
(٥) رواه البخاري (٥١٤٢) ومسلم (١٤١٢/ ٥٠) من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما -.