للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويلزم من لم يسدَّ الذرائع أن يجوِّز هذا البيع كما صرّحوا به، ومن المعلوم أن هذا البيع يتضمن الإعانة على الإثم والعدوان، وفي معنى هذا كل بيع أو إجارة أو معاوضة تُعِين على معصية الله تعالى، كبيع السلاح للكفار والبغاة وقُطَّاع الطريق، وبيع الرقيق لمن يفسق به أو يؤاجره لذلك، وإجارة داره أو حانوته أو خانِه لمن يقيم فيها سوق المعصية، وبيع الشمع أو إجارته لمن يعصي الله عليه، ونحو ذلك مما هو إعانة على ما يُبغضه الله ويُسخطه. ومن هذا عَصْر العنب لمن يتخذه خمرًا وقد لعنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو والمعتصر معًا، ويلزم مَن لم يسدَّ الذرائع أن لا يلعن العاصر، وأن يجوِّز له أن يعصر العنب لكل أحد، ويقول: القصد غير معتبر في العقد، والذرائع غير معتبرة، ونحن مطالبون بالظواهر، والله يتولَّى السرائر، وقد صرَّحوا بهذا. ولا ريبَ في التنافي بين هذا وبين سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

الوجه الثامن والتسعون (١): نهيه عن قتال الأمراء والخروج على الأئمة ــ وإن ظلموا أو جاروا ــ ما أقاموا الصلاة (٢)، سدًّا لذريعة الفساد العظيم والشر الكثير بقتالهم كما هو الواقع؛ فإنه حصل بسبب قتالهم والخروج عليهم أضعافُ أضعافِ ما هم عليه، والأمة في بقايا تلك الشرور إلى الآن. وقال: «إذا بُويع لخليفتين فاقتلوا الآخِرَ منهما» (٣) سدًّا لذريعة الفتنة.


(١) هذا الوجه والوجه التالي ليسا في المخطوطات المعتمدة، وقد أثبتناهما من النسخ المطبوعة، ولعلهما مما أضافه المؤلف فيما بعد. ويدل على كونهما من الكتاب تصريح المؤلف الآتي بأن عدد هذه الوجوه تسعة وتسعون مثل عدد أسماء الله الحسنى.
(٢) رواه مسلم (١٨٥٤) من حديث أم سلمة - رضي الله عنها -.
(٣) رواه مسلم (١٨٥٣) من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -.