للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صاحبه. ونصَّ الإمام أحمد على كراهية الشراء من هؤلاء، وهذا النهي يتضمن سدَّ الذريعة من وجهين؛ أحدهما: أن تسليط النفوس على الشراء منهما وأكل طعامهما تفريح لهما وتقوية لقلوبهما وإغراء لهما على فعل ما كرهه الله ورسوله. والثاني: أن ترك الأكل من طعامهما ذريعة إلى امتناعهما وكفِّهما عن ذلك.

الوجه السادس والتسعون: أنه سبحانه عاقب الذين حفروا الحفائر يوم الجمعة فوقع فيها السمك يوم السبت فأخذوه يوم الأحد، ومسخهم قردةً وخنازير، وقيل: إنهم نصبوا الشِّباك يوم الجمعة وأخذوا الصيد يوم الأحد. وصورة الفعل الذي فعلوه مخالف لما نُهوا عنه، ولكنهم لما جعلوا الشِّباك والحفائر ذريعة إلى أخذ ما يقع فيها من الصيد يوم السبت نُزِّلوا منزلةَ من اصطاد (١) فيه؛ إذ صورة الفعل لا اعتبار بها، بل بحقيقته وقصد فاعله، ويلزم من لم يَسُدَّ الذرائع أن لا يحرِّم مثل هذا كما صرّحوا به في نظيره سواء، وهو لو نصب قبل الإحرام شبكةً فوقع فيها صيد وهو محرم جاز له أخذه بعد الحلّ، وهذا جارٍ على قواعد من لم يعتبر المقاصد ولم يسدَّ الذرائع.

الوجه السابع والتسعون: قال الإمام أحمد: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع السلاح في الفتنة (٢)، ولا ريبَ أن هذا سدٌّ لذريعة الإعانة على المعصية،


(١) د: «اصّاد»، وكلاهما صواب.
(٢) رواه البزار (٣٥٨٩) والطبراني (٢٨٦) والبيهقي (٥/ ٥٢٧) من حديث عمران مرفوعًا، وفي إسناده بحْر السَّقَّاء متكلم فيه، وبه أعله البيهقي، وقد اختلف في وقفه ورفعه، والوقف هو الأصح. انظر: «نصب الراية» (٣/ ٣٩١) و «التلخيص الحبير» (٣/ ٤٢) و «الإرواء» (٥/ ١٣٥).