للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بستمائة درهم نقدًا، فأقبلتْ عليها وهي غضبى، فقالت: بئسما شريتِ، وبئسما اشتريتِ، أبلغي زيدًا أنه قد أبطل جهاده إلا أن يتوب، وأفحمت صاحبتنا فلم تكلّم طويلًا، ثم إنها سهل عنها فقالت: يا أم المؤمنين أرأيتِ إن لم آخذ إلا رأس مالي؟ فتلَتْ عليها: {فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ} [البقرة: ٢٧٥] (١).

وأيضًا فهذا الحديث إذا انضمَّ إلى تلك الأحاديث والآثار أفادت بمجموعها الظن الغالب إن لم تفد اليقين.

وأيضًا فإن آثار الصحابة كما تقدم موافِقةٌ لهذا الحديث، مشتقَّة منه، مفسِّرة له.

وأيضًا فلو لم يأتِ في هذه المسألة أثر لكان محضُ القياس ومصالح العباد وحكمة الشريعة تحريمها أعظم من تحريم الربا، فإنها ربا مستحلّ بأدنى الحيل.

وأيضًا فكيف يليق بالشريعة الكاملة التي لعنت آكل الربا وموكله، وبالغت في تحريمه، وآذنت صاحبه بحرب من الله ورسوله، أن تُبيحه بأدنى الحيل مع استواء المفسدة؟ ولولا أن عند أم المؤمنين - رضي الله عنها - علمًا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا تستريب فيه ولا تشكُّ بتحريم مسألة العينة لما أقدمتْ على الحكم بإبطال جهاد رجل من الصحابة باجتهادها، لا سيما إن كانت قصدت أن العمل يبطل بالردة، واستحلال الربا ردة، ولكن عذر زيدٍ أنه لم يعلم أن


(١) تقدم تخريجه.