للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقول: رأيت فلانًا يفعل كذا وكذا؛ ولعله قد فعله ساهيًا. وقال إياس بن معاوية: لا تنظر إلى عمل الفقيه، ولكن سَلْه [٥٧/أ] يصدقك (١).

ولم يُذكر عن زيد أنه أقام على هذه المسألة بعد إنكار عائشة، وكثيرًا ما يفعل الرجل الكبير الشيء مع ذهوله عما في ضمنه من مفسدة فإذا نُبِّه انتبه. وإذا كان الفعل محتملًا لهذه الوجوه وغيرها لم يجز أن يقدَّم على المحكم، ولم يجز أن يقال: مذهب زيد بن أرقم جواز العِينة، لا سيما وأم ولده قد دخلت على عائشة تستفتيها وأفتَتْها بأخذ رأس مالها، وهذا كله يدل على أنهما لم يكونا جازمين بصحة العقد وجوازه، وأنه مما أباحه الله ورسوله.

وأيضًا فبيع العينة إنما يقع غالبًا من مضطرٍّ إليها، وإلا فالمستغني عنها لا يَشْغَل ذمته بألف وخمسمائة في مقابلة ألف بلا ضرورة وحاجةٍ تدعو إلى ذلك، وقد روى أبو داود (٢) من حديث علي: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع المضطرّ، وبيع الغَرر، وبيع الثمرة قبل أن تُدرك.

وفي «مسند الإمام أحمد» (٣) عنه قال: سيأتي على الناس زمان عَضوضٌ يَعَضُّ الموسِرُ على ما في يديه، ولم يؤمَرْ (٤) بذلك، قال الله تعالى:


(١) رواه القاضي وكيع في «أخبار القضاة» (١/ ٣٥٠) والسهمي في «تاريخ جرجان» بنحوه (ص ٢١٣).
(٢) رقم (٣٣٨٢). ورواه أيضًا أحمد (٩٣٧) ــ كما سيأتي ــ والبيهقي (٥/ ٨٤) من حديث علي - رضي الله عنه -. وفي إسناده أبو عامر المزني واسمه صالح بن رُستم متكلم فيه، وكذلك فيه راوٍ لم يسم.
(٣) تقدم تخريجه آنفًا.
(٤) د: «ولم يؤثر»، تصحيف.