للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على الظاهرية؟ فهل بلغوا في التمسُّك بالظاهر عُشرَ معشارِ هذا؟ والذي يُقضَى منه العجب أن يقال: لا يُعتدُّ بخلاف المتمسكين بظاهر القرآن والسنة، ويُعتدُّ بخلاف هؤلاء، والله ورسوله منزَّهٌ عن هذا الحكم.

ويا لله العجب! كيف يسقط القطع عمن اعتاد سرقة أموال الناس، وكلما مُسِكَ معه المال المسروق قال: هذا مِلكي، والدار التي دخلها داري، والرجل الذي دخلتُ دارَه عبدي؟ قال أرباب الحيل: فيسقط عنه الحدّ بدعوى ذلك، فهل تأتي بهذا سياسةٌ قطُّ جائرة أو عادلة، فضلًا عن شريعة نبي من الأنبياء، فضلًا عن الشريعة التي هي أكمل شريعة طرقت العالم؟

وكذلك الشارع أوجب الإنفاق الواجب على الأقارب؛ لما في ذلك من قيام مصالحهم ومصالح المنفق، ولما في تركه (١) من إضاعتهم؛ فالتحيل لإسقاط الواجب بالتمليك في الصورة مناقضةٌ لغرض الشارع، وتتميمٌ لغرض الماكر المحتال، وعودٌ إلى نفس الفساد الذي قصد الشارع إعدامه بأقرب الطرق. ولو تحيَّل هذا المخادع على إسقاط نفقة دوابّه لهلكوا.

وكذلك ما فرضه الله سبحانه للوارث من الميراث هو حقٌّ له جعله أولى من سائر الناس به، فإباحة التحيُّل لإسقاطه بالإقرار بماله كله للأجنبي وإخراجِ الوارث مضادَّةٌ لشرع الله ودينه، ونقضٌ لغرضه، وإتمامٌ لغرض المحتال، وكذلك تعليم المرأة أن تُقِرَّ بدينٍ لأجنبي إذا أراد زوجها السفر بها.


(١) د: «تركهم».