للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عُجِّل لأولئك عقوبةُ تلك الأكلة الوخيمة وأُرجِئتْ عقوبة هؤلاء (١).

وقال الإمام أبو يعقوب الجوزجاني (٢): وهل أصاب الطائفةَ من بني إسرائيل المسخُ إلا باحتيالهم على أمر الله، بأن حَظَروا الحظائر (٣) على الحيتان في يومِ سَبْتِهم، فمنعوها الانتشارَ يومَها إلى الأحد فأخذوها. وكذلك السلسلة التي كانت تأخذ بعنق الظالم، فاحتال لها صاحب الدرَّة إذ صيَّرها في قصبةٍ ثم دفع القصبة إلى خصمه، وتقدَّم إلى السلسلة ليأخذها فُرِفعتْ (٤).

وقال بعض الأئمة (٥): في هذه الآية مَزجرةٌ عظيمة للمتعاطين الحيلَ على المناهي الشرعية ممن تلبَّس بعلم الفقه وليس بفقيه؛ إذ الفقيه من يخشى الله عز وجل في الربويات، واستعارة التيس الملعون لتحليل المطلقات، وغير ذلك من العظائم والمصائب الفاضحات، التي لو اعتمدها مخلوق مع مخلوق لكان في نهاية القبح، فكيف بمن يعلم السرَّ وأخفى الذي يعلم خائنةَ الأعين وما تخفي الصدور؟


(١) رواه ابن أبي شيبة (٣٦٤٧١) والطبري (١٠/ ٥٢٣) وابن أبي حاتم في «التفسير» (٥/ ١٥٩٩)، وإسناده صحيح.
(٢) كما في «بيان الدليل» (ص ٣٩). والصواب في كنيته واسمه: أبو إسحاق إبراهيم بن يعقوب، كما في مصادر ترجمته.
(٣) كذا في النسختين و «بيان الدليل»، والمعنى واضح. وفي المطبوع: «حفروا الحفائر»، تحريف.
(٤) انظر: «تاريخ دمشق» (١٧/ ١٠٣) و «البداية والنهاية» (٢/ ٣٠٨). والخبر من الإسرائيليات عن وهب.
(٥) كما في «بيان الدليل» (ص ٣٩).