للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد ذكروا في ذلك معاني:

منها: أنه تخوَّف أن لا يكون عندهم وَرِقٌ يرجعون بها.

ومنها: أنه خشي أن يُضِرَّ أخذُ الثمن بهم.

ومنها: أنه رأى لُؤمًا أخذ الثمن منهم.

ومنها: أنه أراهم كرمَه في ردّ البضاعة ليكون أدعى لهم إلى العود.

ومنها: أنه علم أن أمانتهم تُحوِجهم إلى العود ليردُّوها إليه.

فهذا المحتال به عمل صالح، والمقصود رجوعهم ومجيء أخيه، وذلك أمر فيه منفعة لهم ولأبيهم وله، وهو مقصود صالح، وإنما لم يعرِّفهم نفسَه لأسبابٍ أُخر فيها أيضًا منفعة لهم وله ولأبيهم، وتمامٌ لما أراده الله بهم من الخير في البلاء.

الضرب الثاني: أنه في المرة الثانية لما جهَّزهم بجَهازهم جعل السقاية في رَحْل أخيه، وهذا القدر تضمَّن إيهام أن أخاه سارق، وقد ذكروا أن هذا كان بمواطأةٍ من أخيه ورِضًى منه بذلك، والحق له في ذلك، وقد دلَّ على ذلك قوله تعالى: {وَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَخَاهُ قَالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [يوسف: ٦٩]، وفيه قولان: أحدهما: أنه عرَّفه أنه يوسف ووطَّنه على عدم الابتئاس بالحيلة التي فعلها في أخذه منهم، والثاني: أنه لم يصرِّح له بأنه يوسف، وإنما أراد أني مكانَ أخيك المفقود، فلا تبتئس بما يعاملك به إخوتك من الجفاء.

ومن قال هذا قال: إنه وضع السقاية في رَحْل أخيه والأخ لا يشعر،