للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا اللفظ؛ لم يُمكِنه ذلك حتى يُثبِت أنه بيع صحيح، ومتى أثبت [٧٥/أ] أنه بيع صحيح لم يحتج إلى الاستدلال بهذا المطلق؛ فتبيَّن أنه لا حجة فيه على صورة من صور النزاع البتةَ.

ونكتة الجواب أن يقال: الأمر المطلق بالبيع إنما يقتضي البيع الصحيح، ومن سلَّم لكم أن هذه الصورة التي تواطأ فيها البائع والمشتري على الربا، وجعلا السلعة الدخيلة محلِّلًا له غير مقصودة بالبيع= بيع صحيح؟ وإذا كان الحديث ليس فيه عموم، وإنما هو مطلق، والأمر بالحقيقة المطلقة ليس أمرًا بشيء من صورها؛ لأن الحقيقة مشتركة بين الأفراد، والقدر المشترك ليس هو ما يميَّز به كل واحد من الأفراد عن الآخر، ولا هو مستلزمًا له؛ فلا يكون الأمر بالمشترك أمرًا بالمميّز بحال، وإن كان مستلزمًا لبعض تلك القيود لا بعينه، فيكون عامًّا لها على سبيل البدل، لكن ذلك لا يقتضي العموم للأفراد على سبيل الجمع، وهو المطلق في قوله: «بع هذا الثوب»، لا يقتضي الأمر ببيعه من زيد أو عمرو، ولا بكذا وكذا، ولا بهذه السوق أو هذه؛ فإن اللفظ لا دلالة له (١) على شيء من شيء من ذلك، إذا أتى بالمسمى حصل ممتثلًا من جهة وجود تلك الحقيقة، لا من جهة وجود (٢) تلك القيود. وهذا الأمر لا خلاف فيه، لكن بعض الناس يعتقد أن عدم الأمر بالقيود يستلزم عدم الإجزاء إذا أتى بها إلا بقرينة، وهو خطأ، والصواب أن القيود لا تنافي الأمر ولا تستلزمه، وإن كان لزوم بعضها لزومًا عقليًّا ضرورةَ وقوعِ القدر المشترك في ضمن قيدٍ من تلك القيود.


(١) «له» ليست في ز.
(٢) «وجود» ليست في ز.