للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جعل وصلة إلى الربا؛ فهذا الذي لا ريبَ في تحريمه، والعقد الأول هاهنا باطل بلا توقف عند من يُبطل الحيل. وقد صرَّح به القاضي في مسألة العِينة في غير موضع، وحكى أبو الخطاب في صحته وجهين.

قال شيخنا (١): [٧٨/أ] والأول هو الصواب، وإنما تردد من تردد من الأصحاب في العقد الأول في مسألة العينة؛ لأن هذه المسألة إنما يُنصَب الخلاف فيها في العقد الثاني بناء على أن الأول صحيح، وعلى هذا التقدير فليست من مسائل الحيل، وإنما هي من مسائل الذرائع. ولها مأخذ آخر يقتضي التحريم عند أبي حنيفة وأصحابه؛ فإنهم لا يحرّمون الحيل ويحرّمون مسألة العِينة، وهو أن الثمن إذا لم يُستوفَ لم يتم العقد الأول؛ فيصير الثاني مبنيًّا عليه، وهذا تعليل خارج عن قاعدة الحيل والذرائع. فصار للمسألة ثلاثة مآخذ، فلما لم يتمحّض تحريمها على قاعدة الحيل توقف في العقد الأول من توقف.

قال شيخنا (٢): والتحقيق أنها إذا كانت من الحيل أُعطِيت حكم الحيل، وإلا اعتُبِر فيها المأخذان الآخران، هذا إذا لم يقصد العقد الأول، فإن قصد حقيقته فهو صحيح، لكن ما دام الثمن في ذمة المشتري لم يجز أن يشتري منه المبيع بأقل منه من جنسه، ولا يجوز أن يبتاع منه بالثمن ربويًّا لا يباع بالأول نَساءً؛ لأن أحكام العقد الأول لا تتم إلا بالتقابض؛ فإذا لم يحصل كان ذريعة إلى الربا، وإن تقابضا وكان العقد مقصودًا فله أن يشتري منه كما يشتري من غيره، وإذا كان الطريق إلى الحلال هي العقود المقصودة المشروعة التي لا


(١) في «بيان الدليل» (ص ٢٢٦، ٢٢٧).
(٢) المصدر السابق (ص ٢٢٧).