للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

غير دراهمك في الوقت أو بعد يوم أو يومين. قال ابن القاسم: فإن طال الزمان وصح أمرهما فلا بأس به.

فوجه ما منعه الإمام أحمد رضي الله عنه أنه متى قصد المشتري منه تلك الدنانير لم يقصد تملك الثمن، ولهذا لا يحتاط في النقد والوزن، ولهذا يقول: إنه متى بدا له بعد القبض والمفارقة أن يشتري منه ــ بأن يطلب من غيره فلا يجد ــ لم يكن في العقد الأول خللٌ، والمتقدمون من أصحابه حملوا هذا المنع منه (١) على التحريم.

وقال القاضي وابن عقيل وغيرهما: إذا لم يكن غرضًا ومواطأةً بينهما لم يحرم، وقد أومأ إليه الإمام أحمد في رواية حرب؛ فإنه قال: قلت لأحمد: اشترى من رجل ذهبًا ثم باعه منه، قال: يبيعه من غيره أعجبُ إلي. وذكر ابن عقيل أن أحمد لم يكرهه في رواية أخرى.

وكره ابن سيرين للرجل أن يبتاع من الرجل الدراهم بالدنانير ثم يشتري منه بالدراهم دنانير (٢). وهذه المسألة في ربا الفضل كمسائل العِينة في ربا النَّساء، ولهذا عدَّها من الربا الفقهاء السبعة وأكثر العلماء، وهو قول أهل المدينة كمالك وأصحابه، وأهل الحديث كأحمد وأصحابه، وهو مأثور عن ابن عمر (٣). ففي هذه المسألة قد عاد الثمن إلى المشتري، وحصلا على ربا الفضل أو النَّساء، وفي العينة قد عاد المبيع إلى البائع وأفضى إلى ربا الفضل والنَّساء جميعًا، ثم إن كان في الوصفين لم يقصد الثمن ولا المبيع، وإنما


(١) د: «منه هذا المنع».
(٢) رواه عبد الرزاق (١٤٥٩٠).
(٣) رواه عبد الرزاق (١٤٥٧٧) والنسائي (٤٥٨٥).