للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العرفية، ولا يفتقر إلى شهادة، ولكن يتعاقدان ثم يشهدان أن له في ذمته دينًا، ولهذا إنما لُعِن شاهداه إذا علما به، والتحليل لا يمكن إظهاره وقت العقد؛ لكون الشهادة شرطًا فيه، والشروط المتقدمة تؤثِّر كالمقارِنة كما تقدم تقريره؛ إذ تقديم (١) الشرط ومقارنته لا تُخرجه عن كونه عقدَ تحليل وتُدخله في نكاح الرغبة، والقصود معتبرة في العقود.

فصل

وجماع الأمر أنه إذا باعه ربويًّا بثمن وهو يريد أن يشتري [٧٧/ب] منه بثمنه من جنسه، فإما أن يواطئه على الشراء منه لفظًا، أو يكون العرف بينهما قد جرى بذلك، أو لا يكون، فإن كان الأول فهو باطل كما تقدم تقريره؛ فإن هذا لم يقصد مِلك الثمن ولا قصَد هذا تمليكَه، وإنما قصد تمليك الثمن بالثمن (٢)، وجعلا تسمية الثمن تلبيسًا وخداعًا ووسيلةً إلى الربا؛ فهو في هذا العقد بمنزلة التيس الملعون في عقد التحليل، وإن لم تجرِ بينهما مواطأة لكن قد علم المشتري أن البائع يريد أن يشتري منه ربويًّا بربوي فكذلك؛ لأن علمه بذلك ضربٌ من المواطأة، وهو يمنع قصد الثمن الذي يخرج به عن قصد الربا، وإن قصد البائع الشراء منه بعد البيع ولم يعلم المشتري؛ فقد قال الإمام أحمد هاهنا: لو باع من رجل دنانير بدراهم لم يجز أن يشتري بالدراهم منه ذهبًا إلا أن يمضي ويبتاع بالورِق من غيره ذهبًا فلا يستقيم، فيجوز أن يرجع إلى الذي ابتاع منه الدنانير فيشتري منه ذهبًا. وكذلك كره مالك أن تصرف دراهمك من رجل بدنانير، ثم تبتاع منه بتلك الدنانير دراهم


(١) ز: «تقدم».
(٢) كذا في النسختين. وفي المطبوع: «المثمن بالمثمن».