للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشرط، كقوله: «إن متُّ ــ أو إذا متُّ ــ فأنتِ طالق قبل موتي بشهر»، ونحن نُلزِمكم بهذه المسألة على هذا الأصل، فإنكم موافقون عليه، وكذا قوله قبل دخوله: «أنتِ طالق طلقةً قبلها طلقة» فإنه يقع بها طلقتان، وإحداهما وقعت في زمن ماضٍ سابق على التطليق.

وبهذا خرج الجواب عن قوله: «إن الوقوع كما لم يسبق الإيقاع فلا يسبق الطلاق التطليق، فكذا لا يسبق شرطه، فإن الحكم لا يتقدم عليه، ويجوز تقدُّمه (١) على شرطه وأحدِ سبَبَيْه أو أسبابِه»، فإن الشرط معرِّف محض، ولا يمتنع تقديم المعرَّف عليه. وأما تقديمه على أحد سببيه فكتقديم الكفارة على الحنث بعد اليمين، وتقديمِ الزكاة على الحول بعد ملك النصاب، وتقديم الكفارة على الجرح قبل الزهوق، ونظائره.

وأما قولكم: «إن الشرط يجب تقدُّمه على المشروط» فممنوع، بل مقتضى الشرط توقُّفُ المشروط على وجوده، وأنه لا يوجد بدونه، وليس مقتضاه تأخُّر المشروط عنه، وهذا يتعلق باللغة والشرع والعقل، ولا سبيلَ لكم إلى نص عن أهل اللغة في ذلك ولا إلى دليل شرعي ولا عقلي، فدعواه غير مسموعة. ونحن لا ننكر أن من الشروط ما يتقدم مشروطه، ولكن دعوى أن ذلك حقيقة الشرط وأنه إن لم يتقدم خرج عن أن يكون شرطًا دعوى لا دليلَ عليها، وحتى لو جاء عن أهل اللغة ذلك لم يلزم مثلُه في الأحكام الشرعية؛ لأن الشروط في كلامهم تتعلق بالأفعال، كقوله: «إن زرتَني أكرمتُك» و «إذا طلعت الشمسُ جئتُك»، فيقتضي الشرط ارتباطًا بين الأول والثاني، فلا يتقدّم المتأخر ولا يتأخّر المتقدم. وأما الأحكام فتقبل التقدُّم


(١) ز، ك: «تقديمه».