للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حكمه ... إلى آخره»، جوابه أن هذا إنما يصح فيما يملكه من الأسباب شرعًا، فلا بدّ أن يكون السبب مقدورًا مشروعًا، وهذا السبب الذي أتى به غير مقدور ولا مشروع؛ فإن الله سبحانه لم يُملِّكه طلاقًا ينجِّزه تَسبقه ثلاثٌ قبله، ولا ذلك مقدور له؛ فالسبب لا مقدور ولا مأمور، بل هو كلام متناقض فاسد؛ فلا يرتَّب (١) عليه تغيير (٢) أحكام الشرع. وبهذا خرج الجواب عما نظَّرتم به من المسائل:

أما المسألة الأولى ــ وهي إذا طلَّق امرأته ثلاثًا جملةً ــ فهذه مما يُحتجُّ لها لا يُحتجُّ بها، وللناس فيها أربعة أقوال:

أحدها: الإلزام بها (٣).

والثاني: إلغاؤها جملةً، وإن كان هذا إنما يعرف عن فقهاء الشيعة.

والثالث: أنها واحدة، وهذا قول أبي بكر الصديق وجميعِ الصحابة في زمانه، وإحدى الروايتين عن ابن عباس (٤)، واختيار أعلم الناس بسيرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - محمد بن إسحاق (٥) والحارث العُكْلي وغيره، وهو أحد


(١) ك: «ترتب».
(٢) ك: «بغير»، تحريف.
(٣) «بها» ليست في ك.
(٤) رواها أبو داود عقب الحديث رقم (٢١٩٧). وانظر: «مصنف عبد الرزاق» (٦/ ٣٣٥) و «السنن الكبرى» للبيهقي (٧/ ٣٣٩).
(٥) ذكره عنه الجصاص في «أحكام القرآن» (٢/ ٨٥) وابن عبد البر في «الاستذكار» (٦/ ٨) وابن تيمية في «مجموع الفتاوى» (٣٣/ ٨) و «جامع المسائل» (١/ ٣٠٧، ٣١١) وابن حجر في «الفتح» (٩/ ٣٦٢).