للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما قياسكم المحرر ــ وهو قولكم: «طلاقان متعارضان يسبق أحدهما الآخر، فوجب أن ينفي السابق منهما المتأخر، كقوله: إن قدم زيدٌ ... إلى آخره» ــ فجوابه: أنه لما (١) قدم زيد طَلُقتْ ثلاثًا، فقدم عمرو بعده وهي أجنبية، فلم يصادف (٢) الطلاق الثاني محلًّا، فهذا معقول شرعًا ولغةً وعرفًا، فأين هذا من تعليقٍ مستحيل شرعًا وعرفًا؟ ولقد وَهَنَتْ كلَّ الوهن مسألةٌ [٩٣/أ] إلى مثل هذا القياس استنادُها، وعليه اعتمادها.

وأما قولكم: «نكتة المسألة أنا لو أوقعنا المنجَّز لزِمَنا أن نوقع قبله ثلاثًا ... إلى آخره»، فجوابه أن يقال: هذا كلام باطل في نفسه، فلا يلزم من إيقاع المنجَّز إيقاعُ الثلاث (٣) قبله، لا لغةً ولا عقلًا ولا شرعًا ولا عرفًا. فإن قلتم: لأنه شرط للمعلّق، قِيلَ (٤): فقد تبين فساد المعلّق بما فيه كفاية.

ثم نَقلِب عليكم هذه النكتة قلبًا أصحَّ منها شرعًا وعقلًا ولغةً، فنقول: إذا أوقعنا المنجَّز لم يُمكِنَّا أن نوقع قبله ثلاثًا قطعًا، وقد وجد سبب وقوع المنجَّز وهو الإيقاع، فيستلزم موجَبه وهو الوقوع، وإذا وقع موجَبه استحال وقوع الثلاث. وهذه النكتة أصح وأقرب إلى الشرع والعقل واللغة، وبالله التوفيق.

قولكم: «إن المكلَّف أتى بالسبب الذي ضيَّق به على نفسه فألزمناه


(١) «لما» ساقطة من ك.
(٢) ك: «يصادق»، تحريف.
(٣) ك: «ثلاث».
(٤) في المطبوع: «قبله».