للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأسباب والشروط يجب تقدمها، سواء كانت محقّقة أو مقدّرة.

وقولكم: «إن هذا التعليق تضمَّن شرطًا ومشروطًا، والقضية الشرطية قد تُعقد للوقوع وقد تُعقد لنفي الشرط والجزاء ... إلى آخره»، فجوابه أن هذا أيضًا (١) من الوهم والإيهام؛ فإن القضية الشرطية هي التي يصح الارتباط بين جزأيها، سواء كانا ممكنينِ أو ممتنعينِ، ولا يلزم من صدقها شرطيةً صدقُ جزأيها حَمْليَّتينِ (٢)؛ فالاعتبار إنما هو بصدقها في نفسها؛ ولهذا كان قوله تعالى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} [الأنبياء: ٢٢] من أصدق الكلام وجُزءَا الشرطيةِ ممتنعان، لكن أحدهما ملزوم للآخر، فقامت القضية الشرطية (٣) من التلازم الذي بينهما؛ فإن تعدد الآلهة مستلزم لفساد السموات والأرض، فوجود آلهة مع الله ملزوم لفساد السموات والأرض، والفساد لازم، فإذا انتفى اللازم انتفى ملزومه، فصدقت الشرطية دون مفردَيْها. وأما الشرطية في مسألتنا فهي كاذبة في نفسها؛ لأنها عُقِدت للتلازم بين وقوع الطلاق المنجَّز وسَبْق الطلاق الثلاث عليه، وهذا كذبٌ في الإخبار باطل في الإنشاء؛ فالشرطية نفسها باطلة لا تصح بوجه؛ فظهر أن تنظيرها بالشرطية الصادقة الممتنعة الجزأينِ وهمٌ وإيهامٌ ظاهر لا خفاء به.


(١) ز: «فجوابه أيضًا أن هذا».
(٢) في ك والمطبوع: «جملتين»، تحريف. والقضية الحملية في المنطق هي التي لا تحتوي على الشرط والجزاء، بل تقتصر على الموضوع والمحمول أو المسند إليه والمسند، وهي الجملة الخبرية في اصطلاح النحو.
(٣) «ممتنعان ... الشرطية» ساقطة من ك.