للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإن العلم والإيمان مكانَهما إلى يوم القيامة، فمن ابتغاهما وجدهما (١).

وقال سلمان الفارسي: كيف أنتم عند ثلاثٍ: زلَّة عالم، وجدال منافق بالقرآن، ودنيا تَقْطع أعناقكم؟ فأما زلّة العالم فإن اهتدى فلا تقلِّدوه دينَكم وتقولون نصنع مثل ما يصنع فلان، وإن أخطأ فلا تقطعوا إياسَكم منه فتُعِينوا عليه الشيطانَ. وأما مجادلة منافق بالقرآن فإن للقرآن منارًا كمنار الطريق، فما عرفتم منه فخذوا، وما لم تعرفوا (٢) فكِلُوه إلى الله سبحانه. وأما دنيا تقطع أعناقكم فانظروا إلى من هو دونكم، ولا تنظروا إلى من هو فوقكم (٣).

وعن ابن عباس: ويلٌ للأتباع من عَثَرات العالم، قيل: كيف ذلك؟ قال: يقول العالم شيئًا برأيه ثم يجد من هو أعلم منه برسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيترك قوله ثم يمضي الأتباع (٤). ذكر أبو عمر (٥) هذه [٩٦/ب] الآثار كلها وغيره.

فإن (٦) كنا قد حُذِّرنا زلَّة العالم وقيل لنا: إنها من أخوف ما يُخاف علينا، وأُمِرنا مع ذلك أن لا نرجع عنه، فالواجب على من شرح الله صدره للإسلام إذا بلغته مقالة ضعيفة عن بعض الأئمة أن لا يحكيها لمن يتقلَّدها، بل


(١) رواه عبد الرزاق (٢٠٧٥٠) والدارمي (٢٠٥) وأبو داود (٤٦١١)، وإسناده صحيح.
(٢) ز: «تعرفوه».
(٣) رواه ابن عبد البر في «الجامع» (١٨٧٣)، وإسناده ضعيف. والأثر صحيح من قول معاذ، صححه أبو نعيم في «الحلية» (٥/ ٩٧).
(٤) رواه البيهقي في «المدخل» (١/ ٤٤٥) وابن عبد البر في «الجامع» (١٨٧٧) والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (١/ ٣٤٧).
(٥) أي ابن عبد البر في «جامع بيان العلم»، وقد سبقت الإحالات إليه.
(٦) ك: «فإذا».