للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المعنى الذي تركوها لأجله.

فإن قيل: فأنتم تجوِّزون له أن يقضي بها دين المدين، إذا كان المستحق له غيره، فما الفرق بين أن يكون الدين له أو لغيره؟ ويحصل للغريم براءة ذمته [١٠٣/ب] وراحةٌ من ثِقلِ الدَّين في الدنيا ومن حملِه في الآخرة؟ فمنفعته ببراءة ذمته خير له من منفعة الأكل والشرب واللباس، فقد انتفع هو بخلاصه من رِقّ الدين، وانتفع رب المال بتوصُّله إلى أخذ حقه، وصار هذا كما لو أقرضه مالًا ليعمل فيه ويوفِّيه دينه من كسبه.

قيل: هذه المسألة فيها روايتان منصوصتان عن الإمام أحمد - رضي الله عنه -:

إحداهما: أنه لا يجوز له أن يقضي دينه من زكاته، بل يدفع إليه الزكاة ويؤدِّيها هو عن نفسه.

والثانية: يجوز له أن يقضي دينه (١) من الزكاة. قال أبو الحارث (٢): قلت للإمام أحمد (٣): رجل عليه ألف، وكان على رجل زكاة ماله ألف، فأداها عن هذا الذي عليه الدين، يجوز هذا من زكاته؟ قال: نعم، ما أرى بذلك بأسًا.

وعلى هذا فالفرق (٤) ظاهر؛ لأن الدافع لم ينتفع هاهنا بما دفعه إلى الغريم، ولم يرجع إليه، بخلاف ما إذا دفعه إليه ليستوفيه منه؛ فإنه قد أحيا ماله بماله. ووجه القول بالمنع أنه قد يتخذ ذريعة إلى انتفاعه بالقضاء، مثل


(١) ز، ك: «له دينه».
(٢) كما في «المغني» (٩/ ٣٢٥).
(٣) د، ك: «لأحمد».
(٤) ك: «الفرق».