للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عزم عليه واستثنى نفَعَه ذلك بالسنة الصحيحة الصريحة التي لا معارضَ لها بوجهٍ في غير حديث، كقول الملَك لسليمان: «قل إن شاء الله» (١)، وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إلّا الإذْخِر» بعد أن ذكَّره به العباس (٢)، وقوله: «إن شاء الله» بعد أن قال: «لأغزونَّ قريشًا»، ثلاث مرات، ثم قال بعد الثالثة وسكوته: «إن شاء الله» (٣).

والقرآن صريح في نفع الاستثناء إذا نسيه ولم ينْوِه في أول كلامه ولا أثنائه في قوله تعالى: {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (٢٣) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ} [الكهف: ٢٣ - ٢٤]، وهذا إما أن يختصّ بالاستثناء إذا نسيه كما فسَّره به جمهور المفسرين، أو يعمّه ويعمّ غيرَه وهو الصواب؛ فأما أن يُخرج منه الاستثناء الذي سِيق (٤) الكلام لأجله ويُردّ إلى غيره فلا يجوز، ولأن الكلام الواحد لا يعتبر في صحته نية كل جملة من جمله وبعضٍ من أبعاضه؛ فالنص والقياس يقتضي نفعَ الاستثناء، وإن خطر له بعد انقضاء الكلام، وهذا هو الصواب المقطوع به.


(١) رواه البخاري (٥٢٤٢، ٦٧٢٠) ومسلم (١٦٥٤) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٢) رواه البخاري (١٣٤٩) ومسلم (١٣٥٣) من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -.
(٣) رواه أبو يعلى (٢٦٧٤) وابن حبان (٤٣٤٣) والطحاوي في «مشكل الآثار» (٥/ ١٨٦) من طريق سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس موصولًا، وأخرجه أبو داود (٣٢٨٦) وعبد الرزاق (١١٣٠٦، ١٦١٢٣) والبيهقي (١٠/ ٤٨) عن عكرمة مرسلًا، ورجح الإرسال أبو حاتم في «العلل» (١/ ٤٤٠) وابن عدي في «الكامل» (٣/ ١٧٩) وابن حجر في «الدراية» (٢/ ٩٣).
(٤) ك: «يسبق».