للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لنفسه، فدعواه غير مسموعة فضلًا عن إقامة بيّنةٍ.

قالوا: وكذلك إذا كانت المرأة مع الزوج مدةَ سنين يشاهده الناس والجيران داخلًا بيتَه بالطعام والفاكهة واللحم والخبز، ثم ادَّعت بعد ذلك أنه لم ينفق عليها في هذه المدة؛ فدعواها غير مسموعة، فضلًا عن أن يحلف لها، أو تُسمع لها بينة.

قالوا: وكل دعوى ينفيها العرف وتكذِّبها العادة فإنها مرفوضة غير مسموعة.

وهذا المذهب [١١٦/ب] هو الذي نَدين الله به، ولا يليق بهذه الشريعة الكاملة سواه، وكيف يليق بالشريعة أن تُسمع مثل هذه الدعوى التي قد علم الله وملائكته والناس أنها كذب وزور؟ وكيف تدَّعي المرأة أنها أقامت مع الزوج ستين سنة أو أكثر لم ينفق عليها فيها (١) يومًا واحدًا ولا كساها فيها ثوبًا، ويُقبل قولها عليه، ويُلزم بذلك كله، ويقال: الأصل معها؟ وكيف يُعتمد على أصل يكذِّبه العرف والعادة والظاهر الذي بلغ في القوة إلى حدّ القطع؟ والمسائل التي يُقدَّم فيها الظاهر القوي على الأصل أكثر من أن تحصى، ومثل هذا المذهب في القوة مذهب أبي حنيفة، وهو سقوطها بمضيّ الزمان؛ فإن البينة قد قامت بدونها؛ فهي كحق المبيت والوطء.

ولا يُعرف أحد من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ــ مع أنهم أئمة الناس في الورع والتخلُّص من الحقوق والمظالم ــ قضى لامرأة بنفقة ماضية، أو


(١) «فيها» ليست في ك.