للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قيل: وحجةٌ عليكم في إلزامه لهم بها (١)، وأنتم لا تقولون بذلك.

قيل: بل نقول به، وإن الأزواج إذا امتنعوا من الواجب عليهم مع قدرتهم عليه لم يَسقط بالامتناع، ولزمهم ذلك. وأما المعذور العاجز فلا يُحفظ عن أحد من الصحابة أنه جعل النفقة دَينًا في ذمته أبدًا.

وهذا التفصيل هو أحسن ما يقال في هذه المسألة.

والمقصود أن (٢) على هذين المذهبين لا تُسمع الدعوى (٣)، ويسمعها الشافعي وأحمد بناء على قاعدة الدعاوي، وأن الحق قد ثبت ومستحقّه يُنكِر قبضه، فلا يُقبل قول الدافع عليه إلا ببينة؛ فعلى قولهما يحتاج الزوج إلى طريقٍ تُخلِّصه من هذه الدعوى، ولا ينفعه دعوى النشوز، فإن القول فيه قول المرأة، ولا يخلِّصه دعوى عدم التسليم الموجب للإنفاق لتمكُّن المرأة من إقامة البينة عليه؛ فله حيلتان:

إحداهما: أن يقيم البينة على نفقته وكسوته لتلك المدة، وللبينة أن تشهد على ذلك بناء على ما علمتْه وتحقَّقتْه بالاستفاضة والقرائن المفيدة للقطع؛ فإن الشاهد يشهد بما علمه بأي طريق علمه، وليس على الحاكم أن يسأل البينة عن مستند التحمُّل، ولا يجب على الشاهد أن يبيِّن مستنده في الشهادة.

الحيلة الثانية: أن ينكر التمكين الموجب [١١٧/أ] لثبوت المدَّعى به في ذمته، ويكون صادقًا في هذا الإنكار؛ فإن التمكين الماضي لا يوجب عليه ما


(١) «بها» ليست في ك، ب.
(٢) «أن» ليست في ك.
(٣) ك، ب: «دعوى».