للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِلكٍ مشترك له فيه نصيب، بل في الشركة الملكُ الثاني من جنس الأول يملك به التصرف في الرقبة، وفي الوقف ليس من جنسه فيكون أولى بالجواز.

يؤيِّده أنه لو وقف على جهة عامة جاز أن يكون كواحد من تلك الجهة، كما وقف عثمان بئر رُومةَ وجعل دَلْوه فيها كدِلاء المسلمين (١)، وكما يصلِّي المرء في المسجد الذي وقَفَه، ويشرب من السقاية التي وقَفَها، ويُدفن في المقبرة التي سَبَّلها، أو يمرُّ في الطريق التي فتحها، وينتفع بالكتاب الذي وقَفَه، ويجلس على البساط والحصير اللذين وقفهما، وأمثال ذلك، فإذا جاز للواقف أن يكون موقوفًا عليه في الجهة العامة جاز مثله في الجهة الخاصة، لاتفاقهما في المعنى، بل الجواز هنا أولى من حيث إنه موقوف عليه بالتعيين، وهناك دخل في الوقف بشمول الاسم له (٢).

وتقليد هذا القول خير (٣) من الحيلة الباردة التي يملِّك الرجل فيها مالَه لمن لا تطيب نفسُه أن يُعطيه درهمًا ثم يقفه ذلك المملَّك على المملِّك؛ فإن هذه الحيلة تضمَّنت أمرين:

أحدهما: لا حقيقة له، وهو انتقال الملك إلى المملّك.


(١) رواه الترمذي (٣٧٠٣) والنسائي (٣٦٠٨) من طريق يحيى بن أبي الحجاج المنقري عن أبي مسعود الجريري عن ثمامة بن حزن، وفيه يحيى لين الحديث، وتابعه هلال بن حِقّ في «زوائد مسند أحمد» (٥٥٥) وهو مقبول ذكره ابن حبان في «الثقات»، وعلَّقه البخاري جزمًا (٥/ ٢٩ - مع الفتح)، وحسَّنه الألباني في «الإرواء» (١٥٩٤).
(٢) «له» ليست في ك.
(٣) بعدها زيادة «له» في ك، ولا حاجة إليها.