للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا محض الفقه والقياس؛ فإنه إذا نكَلَ قوِيَ جانب المدَّعي وظُنّ صدقه، فشُرِع اليمين في حقه؛ فإن اليمين إنما شُرعت في جانب المدَّعى عليه لقوة جانبه بالأصل. فإذا شهد الشاهد الواحد ضعُف هذا الأصل، ولم تتمكن قوته من الاستقلال، فقوِيَ جانب المدعي باليمين. وهكذا إذا نكلَ ضعُف أصل البراءة، ولم يكن النكول مستقلًّا بإثبات الدعوى؛ لجواز أن يكون لجهله بالحال، أو لتورُّعه عن اليمين، أو للخوف من عاقبة اليمين، أو لموافقة قضاء وقدرٍ؛ فيظنّ الظانّ أنه بسبب اليمين، أو لترفُّعه (١) عن ابتذاله باستحلاف خصمه له مع علمه بأنه لو حلف كان صادقًا، وإذا احتمل نكولُه هذه الوجوه لم يكن مستقلًّا؛ بل غايته أن يكون مقوِّيًا لجَنْبة المدعي فيُردُّ (٢) اليمين عليه. ولم تكن هذه المسألة مقصودةً، وإنما جرَّ إليها الكلام في أثر ابن عمر وزيد في مسألة البراءة.

وقد عُلم حكم هذا الشرط، وأين ينتفع به البارُّ، وأين لا ينتفع به.

وإن (٣) قيل: فهل ينفعه أن يشترط على [١٣١/أ] المشتري أنه متى ردَّه فهو حرٌّ أم لا ينفعه؟ وإذا خاف توكيله في الردّ استوثقَ منه بقوله: «متى رددته أو وكَّلت في رده»، فإن خاف من ردِّ الحاكم عليه حيث يردُّه بالشرع فلا يكون المشتري هو الرادّ ولا وكيله، بل الحاكم المنفِّذ للشرع، فاستوثق منه بقوله: «إذا ادَّعيت رده فهو حرٌّ»، فهنا تصعب الحيلة على الردّ، إلا على مذهب أبي ثور وأحد الوجهين في مذهب الإمام أحمد ــ وهو إجماع


(١) ز: «لرفعه».
(٢) ك، ب: «فرد».
(٣) ك، ب: «فان».