للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الغرماء، والشريعة لا تأتي بمثل هذا؛ فإنها إنما جاءت بحفظ (١) حقوق أرباب الحقوق بكل طريق، وسدِّ الطرق المُفضِية إلى إضاعتها، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «مَن أخذَ أموالَ الناس يريد أداءها أدَّاها الله عنه، ومن أخذَها يريدُ إتلافَها أتلَفَه الله» (٢).

ولا ريبَ أن هذا التبرع إتلافٌ لها، فكيف ينفُذُ تبرعُ مَن (٣) دعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على فاعله؟

وسمعتُ شيخ الإسلام ابن تيمية يحكي عن بعض علماء عصره من أصحاب أحمد أنه كان يُنكِر هذا المذهب ويضعِّفه. قال: إلى أن بُلِيَ بغريمٍ تبرَّع قبل (٤) الحجر عليه، فقال: والله مذهب مالك هو الحق في هذه المسألة. وتبويب البخاري وترجمته واستدلاله يدلُّ على اختياره هذا المذهبَ، فإنه قال في باب من ردَّ أمر السفيه والضعيف وإن لم يكن حجَرَ عليه الإمام (٥): ويُذكر عن جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ردَّ على المتصدِّق قبل النهي ثم نهاه (٦).


(١) ك: «بحفض».
(٢) رواه البخاري (٢٣٨٧) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٣) «من» ليست في ك، ب.
(٤) «قبل» ليست في ك.
(٥) (٥/ ٧١ - مع الفتح).
(٦) رواه الدارمي (١٧٠٠) وأبو داود (١٦٧٣) وأبو يعلى (٢٠٨٤، ٢٢٢٠) وابن خزيمة (٢٤٤١) وابن حبان (٣٣٧٢) عن جابر، وفيه عنعنة ابن إسحاق، ضعفه بها النووي في «المجموع» (٦/ ٢٣٦) وابن الملقن في «البدر المنير» (٧/ ٤١٥) والألباني في «الإرواء» (٨٩٨).