للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلا سُهيل بن بيضاء، فقال: «إلا سُهيل بن بَيضاء» (١). ومعلوم أنه لم ينوِ واحدًا من هذين الاستثناءين في أول كلامه، بل أنشأه لما ذكِّر به، كما أخبر عن سليمان بن داود صلى الله عليهما وسلَّم أنه لو أنشأ بعد أن ذكَّره به الملك نفعه ذلك.

وشبهة من اشترط ذلك أنه إذا لم ينوِ الاستثناء [١٥٣/أ] من أول كلامه فقد لزمه موجبُ كلامه، فلا يُقبل منه (٢) رفعُه ولا رفعُ بعضِه بعد لزومه. وهذه الشبهة لو صحت لما نفع الاستثناء في طلاق ولا عتاق ولا إقرار البتةَ، نواه أولًا أو لم ينوِه؛ لأنه إذا لزمه موجبُ كلامه لم يُقبل منه رفعُه ولا رفعُ بعضِه بالاستثناء. وقد طرد هذا بعض الفقهاء فقالوا: لا يصح الاستثناء في الطلاق؛ توهُّمًا لصحة هذه الشبهة.

وجوابها: أنه إنما يلزمه موجبُ كلامه إذا اقتصر عليه، فأما إذا وصله بالاستثناء أو الشرط، ولم يقتصر على ما دونه، فإن موجب كلامه ما دلَّ عليه سياقه وتمامه، من تقييدٍ باستثناء أو صفة أو شرطٍ أو بدلٍ أو غايةٍ، فتكليفُه نيةَ


(١) رواه أحمد (٣٦٣٢) والترمذي (١٧١٤، ٣٠٨٤) وابن أبي شيبة (٣٧٨٤٥) والحاكم (٣/ ٢٢) والبيهقي (٦/ ٣٢١) من طريق أبي عبيدة عن عبد الله بن مسعود، واختلف الأئمة في حديث أبي عبيدة عن عبد الله، فأعلَّه الترمذي بالانقطاع، وحمله على الاتصال ابن المديني ويعقوب بن شيبة. انظر: «شرح العلل» (١/ ٥٤٤)، وصحح الحديث ابن العربي في «أحكام القرآن» (١/ ٣٩٠) والحافظ في «الإصابة» (٢/ ٩١). وقال ابن رجب في «الفتح» (٧/ ٣٤٢): «وأبو عبيدة وإن لم يسمع من أبيه إلا أن أحاديثه عنه صحيحة تلقاها عن أهل بيته الثقات العارفين بحديث أبيه قاله ابن المديني وغيره».
(٢) في المطبوع: «منع»، تحريف.