للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إحداهما: ينفعه الاستثناء، ولا تطلُق إن كلَّمتْ فلانًا، وهو قول أبي عبيد؛ لأنه بهذا التعليق قد صار حالفًا، وصار تعليقه يمينًا باتفاق الفقهاء، فصحَّ استثناؤه فيها؛ لعموم النصوص المتناولة للاستثناء في الحلف واليمين.

والثانية: لا يصحُّ الاستثناء، وهو قول مالك كما تقدم؛ لأن الاستثناء إنما ينفع في الأيمان المكفَّرة، فالتكفير والاستثناء متلازمان، ويمين الطلاق والعتاق لا يكفَّران، فلا ينفع فيهما الاستثناء.

ومن هنا خرَّج شيخنا على المذهب إجزاء التكفير فيهما؛ لأن أحمد - رضي الله عنه - نصَّ على أن الاستثناء إنما يكون في اليمين المكفرة، ونصَّ على أن الاستثناء ينفع في اليمين بالطلاق والعتاق، فيُخرّج من نصه إجزاء الكفارة في اليمين بهما. وهذا تخريج في غاية الظهور والصحة، ونصُّ أحمد على الوقوع لا يُبطِل صحة هذا التخريج، كسائر نصوصه ونصوص غيره من الأئمة التي يُخرَّج منها على مذهبه خلافُ ما نصَّ عليه. وهذا أكثر وأشهر من أن يُذكر.

ومن أصحابه من قال: إن أعاد الاستثناء إلى الفعل نفعه قولًا واحدًا، وإن أعاده إلى الطلاق فعلى روايتين. ومنهم من جعل الروايتين على اختلاف حالين، فإن أعاده إلى الفعل نفعه، وإن أعاده إلى قوله «أنتِ طالق» لم ينفعه.

وإيضاح ذلك أنه إذا قال: «إن دخلتِ الدار فأنتِ طالق إن شاء الله» فإنه تارةً يريد «فأنتِ طالق إن شاء الله طلاقَك»، وتارةً يريد «إن شاء الله» تعليق اليمين بمشيئة الله، أي: إن شاء الله عقْدَ هذه اليمين فهي معقودة. فيصير كقوله: «والله لأقومنَّ إن شاء الله»، فإذا قام علمنا أن الله قد شاء القيام، وإن لم يقم علمنا أن الله لم يشأ قيامه، فلم يوجد الشرط فلم يحنث. [فيُنقَل هذا