للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلعل أبا حامد الإسفراييني وغيره ممن حكى عن أحمد الفرق بين «أنت طالق إن شاء الله» فلا تطلق، و «أنتِ حرة إن شاء الله» فتعتق، استند إلى (١) هذا النص. وهذا من غلطه على أحمد، بل هذا تفريق منه بين صحة تعليق العتق على المِلك وعدم صحة تعليق الطلاق على النكاح، وهذا قاعدة مذهبه. والفرق عنده أن المِلك [١٥٣/ب] قد شُرع سببًا لحصول العتق، كملك ذي الرحم المحرم، [وقد يعقد البيع سببًا لحصول العتق اختيارًا، كشراء من يريد عتقه في كفارة أو قُربة أو فداء كشراء قريبه، ولم يشرع الله النكاح سببًا لإزالته البتة؛ فهذا فقهه وفرقه] (٢).

فقد أطلق القول بأنه لا ينفع الاستثناء في إيقاع الطلاق والعتاق، وتوقّف في أكثر الروايات عنه، فتخرج المسألة على وجهين صرَّح بهما الأصحاب. وذكروا وجهًا ثالثًا، وهو أنه إن قصد التعليق وجهل استحالة العلم بالمشيئة لم تَطلُق، وإن قصد التبرُّك أو التأدُّب طَلُقَت، وقيل عن أحمد: يقع العتق دون الطلاق، ولا يصح هذا التفريق عنه، بل هو خطأ عليه.

قال شيخنا (٣): قد رُوي في الفرق حديث موضوع على معاذ بن جبل يرفعه.

فلو علَّق الطلاق على فعل يقصد به الحضّ أو المنع كقوله «أنتِ طالق إن كلمتِ فلانًا إن شاء الله» فروايتان منصوصتان عن الإمام أحمد:


(١) «إلى» ليست في ك، ب.
(٢) ما بين المعكوفتين لا يوجد في النسخ. وهو في المطبوعات، والسياق يقتضيه.
(٣) لم أجد الكلام على حديث معاذ هذا في مؤلفاته المطبوعة. وسيأتي ذكره والكلام عليه عند المؤلف.