للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد قال سبحانه في المشيئة الأولى {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا} [الإنسان: ٣٠]، {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [التكوير: ٢٩]، وقال في المشيئة الثانية: {كَلَّا إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ (٥٤) فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ (٥٥) وَمَا يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [المدثر: ٥٤ - ٥٦].

وإذا كان تعليق الحلف بمشيئته سبحانه يمنع من انعقاد اليمين، وكذلك تعليق الوعد، فإذا قال: «أفعلُ إن شاء الله» ولم يفعل لم يكن مُخلِفًا، كما لا يكون في اليمين حانثًا. وهكذا إذا قال: «أنت طالق إن شاء الله» فإن طلَّقها بعد ذلك علمنا أن الله قد شاء الطلاق فوقع، وإن لم يطلِّقها تبينَّا أن الله لم يشأ الطلاق فلا تطلُق، فلا فرق في هذا بين اليمين والإيقاع، فإن كلًّا منهما (١) إنشاءٌ وإلزامٌ معلَّق بالمشيئة.

قالوا: وأما الأثران اللذان ذكرتموهما عن الصحابة فما أحسنَهما لو ثبتا، ولكن كيف بثبوتهما وعطية ضعيف، وجُميع بن عبد الحميد مجهول، وخالد بن يزيد ضعيف؟ قال ابن عدي (٢): أحاديثه لا يتابع عليها. وأثر ابن عباس لا يُعلم حال إسناده حتى يُقبل أو يردّ.

على أن هذه الآثار مقابَلةٌ بآثار أخر لا تثبت أيضًا:

فمنها: ما رواه البيهقي في «سننه» (٣) من حديث إسماعيل بن عياش عن


(١) ك: «كلاهما».
(٢) في «الكامل» (٣/ ١٦).
(٣) أي «الكبرى» (٧/ ٣٦١). ورواه أيضًا عبد الرزاق (١١٣٣١) والدارقطني (٤/ ٣٥). وإسناده ضعيف من أجل حميد، وللانقطاع بين مكحول ومعاذ، ضعفه البيهقي وابن الجوزي في «العلل» (٢/ ١٥٥) وابن القطان في «بيان الوهم» (٣/ ١٧٠) وابن عبد الهادي في «التنقيح (٣/ ٢٢٢) وابن حجر في «المطالب العالية» (٨/ ٤٠١).