للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المجلس، نصَّ عليه الإمام أحمد في إحدى الروايات عنه، وهو قول الأوزاعي كما سنذكره.

وأوسعُ منه من وجهٍ قولُ من لا يشترط النية بحال، كما صرَّح به أصحاب أبي حنيفة. وقال صاحب «الذخيرة» (١) في كتاب الطلاق في الفصل السادس عشر منه: ولو قال لها: «أنتِ طالق إن شاء الله» ولا يدري أي شيء «إن شاء الله» لا يقع الطلاق؛ لأن الطلاق مع الاستثناء ليس بإيقاع، فعلمه وجهلُه يكون سواء، ولو قال لها: «أنتِ طالق» فجرى على لسانه من غير قصد «إن شاء الله» وكان قصدُه إيقاع الطلاق لا يقع الطلاق؛ لأن الاستثناء قد وُجِد حقيقة، والكلام مع الاستثناء لا يكون إيقاعًا.

وقال الجُوزجاني في «مترجمه» (٢): حدثني صفوان ثنا عمر قال: سئل الأوزاعي - رضي الله عنه - عن رجل حلف: والله لأفعلنَّ كذا وكذا، ثم سكت ساعة لا يتكلَّم ولا يحدِّث نفسه بالاستثناء، فيقول له إنسان إلى جنبه: قلْ إن شاء الله، فقال: إن شاء الله، أيكفِّر يمينَه؟ فقال: أراه قد استثنى.

وبهذا الإسناد عن الأوزاعي أنه سئل عن رجل وصلَه قريبُه بدراهم فقال: والله لا آخذُها، فقال قريبه: والله لتأخذنَّها، فلما سمعه قال: «والله لتأخذنَّها» استثنى في نفسه فقال: إن شاء الله، وليس بين قوله «والله لا آخذها» وبين قوله «إن شاء الله» كلام إلا انتظاره ما يقول قريبه، أيكفِّر يمينَه إن هو أخذها؟ فقال: لم يحنث؛ لأنه قد استثنى.


(١) «الذخيرة البرهانية» مخطوط، وانظر أصله «المحيط البرهاني» (٤/ ٤٩٥).
(٢) سبق التعريف بهذا الكتاب والنقل عنه عند المؤلف.