للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الطلاق في هذه اليمين، اعتقادًا لقول علي بن أبي طالب (١) وطاوس (٢) وشُريح (٣)، أو اعتقادًا لقول أبي حنيفة والقفّال في صيغة الالتزام دون صيغة الشرط، أو اعتقادًا لقول أشهب ــ وهو أجلُّ أصحاب مالك ــ إنه إذا علّق الطلاق بفعل الزوجة لم يحنث بفعلها، أو اعتقادًا لقول أبي عبد الرحمن الشافعي أجل أصحاب الشافعي إن الطلاق المعلَّق لا يصح، كما لا يصح النكاح والبيع والوقف المعلّق، وهو مذهب جماعة من أهل الظاهر= لم يحنث (٤) في ذلك كله، ولم يقع الطلاق.

ولو فُرض فساد هذه الأقوال كلها فإنه إنما فعل المحلوف عليه متأولًا مقلّدًا ظانًّا أنه لا يحنث به، فهو أولى بعدم الحنث من الجاهل والناسي، وغاية ما يقال (٥): إنه مفرِّط حيث لم يستقصِ، ولم يسأل غيرَ من أفتاه، وهذا بعينه يقال في الجاهل: إنه مفرِّط حيث لم يبحثْ ولم يسأل عن المحلوف عليه، فلو صحَّ هذا الفرق لبطل عذر الجاهل البتةَ. كيف والمتأول مطيع لله مأجور إما أجرًا واحدًا أو أجرين؟ والنبي - صلى الله عليه وسلم - لم يؤاخذ خالدًا في تأويله حين


(١) تقدم. وسيأتي الكلام عليه عند المصنف.
(٢) رواه عبد الرزاق كما في «المحلى» (١٠/ ٢١٣) من طريق ابن جريج أخبرني ابن طاوس عن أبيه أنه كان يقول: الحلف بالطلاق ليس شيئا، قلت: كان يراه يمينًا؟ قال: لا أدري. وإسناده صحيح.
(٣) رواه عبد الرزاق (١١٣٢٢) من طريق هشيم عن ابن سيرين عن شريح.
(٤) سياق الكلام: «فإذا حلف بالطلاق ... لم يحنث». وقد طال الفصل بين الشرط والجزاء بذكر أقوال الفقهاء.
(٥) بعدها في المطبوع زيادة «في الجاهل»، وليست في النسخ، ولا يقتضيها السياق، فسيأتي ذكر الجاهل.