للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تصلِّي، فإن هذا الطلاق لا يقع به قطعًا. وليس بين هذا وبين قوله «إن كان الأمر كذلك فهي طالق ثلاثًا» فرقٌ البتةَ، لا عند الحالف ولا في العرف ولا في الشرع، فإيقاع الطلاق بهذا وهمٌ محض؛ إذ يُقطَع بأنه لم يُرِد طلاق من ليست كذلك، وإنما أراد طلاقَ من فعلَتْ ذلك.

وقد أفتى جماعة من الفقهاء من أصحاب الإمام أحمد والشافعي ــ منهم الغزالي والقفَّال وغيرهما ــ الرجل يمرُّ على المَكَّاس (١) برقيقٍ له، فيطالبه بمَكْسهم، فيقول: «هم أحرار» ليتخلَّص من ظلمه، ولا غرضَ له في عتقهم= أنهم لا يعتقون. وبهذا أفتينا نحن تجَّارَ اليمن لما قدِموا منها ومرُّوا على المكّاسين فقالوا لهم ذلك.

وقد صرَّح أصحاب الشافعي (٢) في باب الكتابة بما إذا دفع إليه العوض فقال: «اذهبْ فأنت حرٌّ» بناء على أنه قد سلّم له العوض، فظهر العوض مستحقًّا ورجع به عليه صاحبه= أنه لا يعتق. وهذا هو الفقه بعينه.

وصرَّحوا (٣) أن الرجل لو علَّق طلاق امرأته بشرطٍ، فظنّ أن الشرط قد وقع فقال: «اذهبي فأنتِ طالق» وهو يظن أن الطلاق قد وقع بوجود الشرط، فبان أن الشرط لم يوجد= لم يقع الطلاق. ونص على ذلك شيخنا (٤)


(١) الذي يأخذ الضريبة من التجّار.
(٢) انظر: «روضة الطالبين» (١٢/ ٢٤٧) و «الفتاوى الكبرى الفقهية» لابن حجر الهيتمي (٣/ ٥٧).
(٣) انظر: «حاشية الجمل على شرح منهج الطلاب» (٥/ ٤٦٧).
(٤) انظر: «الاختيارات» للبعلي (ص ٣٧٧).