للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإذا قال الرجل لامرأته: «أنتِ طالق ثلاثًا لأجل كلامكِ لزيد وخروجكِ من بيتي» فبانَ أنها لم تكلِّمه ولم تخرج من بيته= لم تَطْلُق، صرَّح به الأصحاب. قال ابن أبي موسى في «الإرشاد» (١): فإن قال: «أنتِ طالق أن دخلتِ الدار» بنصب الألف، والحالف من أهل اللسان، فإن كان تقدَّم لها دخولٌ إلى تلك الدار قبل اليمين طلُقتْ في الحال؛ لأن ذلك للماضي من الفعل دون المستقبل، وإن كانت لم تدخلها قبل اليمين بحال لم تَطْلُقْ، وإن دخلت الدار بعد اليمين، إذا كان الحالف قصدَ بيمينه الفعلَ الماضي دون المستقبل، لأنّ ذلك يَعني: إن كنتِ دخلتِ الدار فأنتِ طالق. وإن كان الحالف جاهلًا باللسان. [١٦٤/أ] وإنما أراد باليمين الدخول المستقبل، فمتى دخلت الدار بعد اليمين طلقتْ بما حلف به قولًا واحدًا. وإن كان تقدَّم لها دخول الدار قبل اليمين فهل يحنث بالدخول الماضي أم لا؟ على وجهين أصحهما لا يحنَث.

والمقصود أنه إذا (٢) عُلِّل الطلاق بعلة ثم تبيَّن انتفاؤها فمذهب أحمد أنه لا يقع به الطلاق، وعند شيخنا (٣) لا يشترط ذِكْره التعليلَ بلفظه، ولا فرقَ عنده بين أن يطلِّقها لعلة مذكورة في اللفظ أو غير مذكورة، فإذا تبيَّن انتفاؤها لم يقع به الطلاق. وهذا هو الذي لا يليق بالمذهب غيره، ولا تقتضي قواعد الأئمة غيره. فإذا قيل له: امرأتك قد شربتْ مع فلان وباتَتْ عنده، فقال: اشهدوا عليَّ أنها طالق ثلاثًا، ثم علم أنها كانت تلك الليلة في بيتها قائمةً


(١) (ص ٢٩٩).
(٢) «إذا» ليست في ك.
(٣) انظر: «الاختيارات» للبعلي (ص ٣٧٧).