للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولم يؤاخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - حين رمى حاطب بن أبي بَلْتَعة المؤمن البدريَّ بالنفاق لأجل التأويل (١). ولم يؤاخذ أُسَيد بن حُضَير بقوله لسعد سيد الخزرج: «إنك منافق تُجادِل عن المنافقين» لأجل التأويل (٢). ولم يؤاخذ من قال عن مالك بن الدُّخْشُم: «ذاك منافقٌ، نرى وجهَه (٣) وحديثَه إلى المنافقين» لأجل التأويل (٤). ولم يؤاخذ عمرَ بن الخطاب - رضي الله عنه - حين ضرب صدر أبي هريرة حتى وقع على الأرض، وقد ذهب للتبليغ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأمره، فمنعه عمر وضربه وقال: «ارجِعْ»، وأقرَّه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على فعله، ولم يؤاخذه لأجل التأويل (٥).

وكما رفع مؤاخذة التأثيم في هذه الأمور وغيرها رفع مؤاخذة الضمان في الأموال والقضاء في العبادات، فلا يحلُّ لأحدٍ أن يفرِّق بين رجل وامرأته لأمرٍ يخالف مذهبه وقوله الذي قلّد فيه بغير حجة إذا كان الرجل قد تأوَّل وقلَّد من أفتاه بعدم الحنث، ولا يحلُّ له أن يحكم عليه بأنه حانثٌ في حكم الله ورسوله، ولم يتعمَّد الحنث، بل هذا فِريةٌ على الله ورسوله وعلى الحالف، وإذا وصل الهوى إلى هذا الحدّ فصاحبه تحت الدرك، وله مقامٌ وأيُّ مقامٍ بين يدي الله يومَ لا ينفعه شيخه ولا مذهبه ومن قلَّده، والله المستعان.


(١) روى هذه القصة البخاري (٣٠٠٧ ومواضع أخرى) ومسلم (٢٤٩٤) من حديث علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -.
(٢) رواه البخاري (٢٦٦١، ٤١٤١، ٤٧٥٠) ومسلم (٢٧٧٠) من حديث عائشة - رضي الله عنها - الطويل في قصة الإفك.
(٣) عند البخاري: «وُدَّه».
(٤) رواه البخاري (١١٨٦) من حديث عتبان بن مالك.
(٥) رواه مسلم (٣١) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - ضمن قصة.