للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الوطء الذي لم يملِّكه الشارع إياه، فإن قصده حنث. وهكذا في صورة العجز الصوابُ أنه لا يحنث؛ فإنه (١) إنما حلف على شيء يدخل تحت قدرته، ولم يلتزم فعْلَ ما لا يقدر عليه، فلا تدخل حالة العجز تحت يمينه، وهذا بعينه قد قالوه في المُكْرَه والناسي والمخطئ، والتفريق تناقض ظاهر؛ فالذي يليق بقواعد أحمد وأصوله أنه لا يحنث في صورة العجز، سواء كان العجز لمنع شرعي أو منع كوني قدري، كما هو قوله فيما لو كان العجز لإكراهِ مكرِهٍ، ونصه على خلاف ذلك لا يمنع أن يكون عنده رواية مخرَّجة من أصوله المذكورة، وهذا من أظهر التخريج.

فلو وطئ مع الحيض وعصى فهل يتخلَّص من الحنث؟ فيه وجهان في مذهب أحمد ومالك، أحدهما: يتخلَّص وإن أثِمَ بالوطء، كما لو حلف بالطلاق ليشربنَّ هذا الخمر فشربه فإنه لا تطلَّق عليه زوجته. والثاني: لا يبرُّ؛ لأنه إنما حلف على فعل وطء مباح، فلا تتناول يمينُه المحرَّم. فيقال: إذا كان إنما حلف على وطء مأذون فيه شرعًا لم تتناول يمينه المحرَّم فلا يحنث بتركه بعين ما ذكرتم من الدليل، وهذا ظاهر. وحرفُ المسألة أن يمينه لم تتناول المعجوز عنه لا شرعًا ولا قدرًا، فلا يحنث بتركه.

وإن كان الامتناع بمنع ظالمٍ كالغاصب والسارق أو غيرِ ظالم كالمستحق، فهل يحنث أم لا؟ قال أشهب: لا يحنث، وهو الصواب لما ذُكر. وقال غيره من أصحاب [١٦٥/أ] مالك: يحنث؛ لأن المحلَّ باقٍ، وإنما حِيلَ بينه وبين الفعل فيه، وللشافعي في هذا الأصل قولان.


(١) ك، ب: «لأنه».