للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في الإسلام حدثًا، فاكترى بغلًا إلى حمام أَعْينَ، فتعدَّى به إلى أصبهان، فباعه واشترى به خمرًا، فقال شريح: إن شئتم شهدتم عليه أنه طلَّقها، فجعلوا يردِّدون عليه القصة ويردِّد (١) عليهم. فلم يَرَه حدثًا.

ولا متعلَّقَ بقول الراوي ــ إما محمد وإما هشام ــ: «فلم يره حدثًا»، فإنما ذلك ظنٌّ منه.

قال أبو محمد (٢): وأيُّ حدثٍ أعظم ممن تعدَّى (٣) من حمام أعين، وهو على مسيرة أميالٍ يسيرة من الكوفة إلى أصبهان ثم باع بغْلَ [١٦٧/أ] مسلمٍ ظلمًا واشترى به خمرًا؟

قلت: والظاهر أن شريحًا لما ردَّ عليه (٤) المرأةَ ظنَّ مَن شاهد القصة أنه لم يرَ ذلك حدثًا؛ إذ لو رآه حدثًا لأوقع عليها الطلاق، وشريح إنما ردَّها لأنه علم أنه لم يقصد طلاق امرأته، وإنما قصد اليمين فقط، فلم يُلزِمه بالطلاق، فقال الراوي وفهِمَ (٥): فلم يرَ ذلك حدثًا، وشريح أفقهُ في دين الله أن لا يرى مثلَ هذا حدثًا.

وممن رُوي عنه عدم وقوع الطلاق على الحالف إذا حنث: عكرمة


(١) في النسختين: «ويرد». والمثبت من «المصنف» و «المحلى».
(٢) أي ابن حزم في «المحلى» (١٠/ ٢١٢، ٢١٣).
(٣) في «المحلى»: «أو ما نعلم في الإسلام أكثر ممن تعدى ... ».
(٤) في المطبوع: «ردت عليه» خلاف النسخ. والضمير في «ردّ» لشريح.
(٥) كذا في النسخ، وهو صواب. والمعنى أن الراوي فهم هذا فعبَّر عنه بقوله: «فلم ير ذلك حدثًا». وفي المطبوع: «فيهم».