للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} إلى قوله: {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا} إلى قوله: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ} إلى قوله: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا} إلى قوله: {وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ} إلى قوله: {وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ} إلى قوله: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} إلى آخر الآيات. ثم قال: {كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا} [الإسراء: ٢٣ - ٣٨].

[٢٣/أ] وفي "الصحيح" (١): "إنَّ الله عزَّ وجلَّ كرِه لكم قيلَ وقال، وكثرةَ السؤال، وإضاعةَ المال".

فالسلف كانوا يستعملون "الكراهة" في معناها الذي استُعملت فيه في كلام الله ورسوله، ولكن المتأخرون اصطلحوا على تخصيص الكراهة بما ليس بمحرَّم، وتركُه أرجح من فعله. ثم حمَل مَن حمَل منهم كلامَ الأئمة على الاصطلاح الحادث، فغلِط (٢) في ذلك.

وأقبَحُ غلطًا منه مَن حمل لفظ الكراهة أو لفظ "لا ينبغي" في كلام الله ورسوله على المعنى الاصطلاحي الحادث. وقد اطَّرَد في كلام الله ورسوله استعمال "لا ينبغي" في المحظور شرعًا أو قدرًا، وفي المستحيل الممتنع (٣)، كقوله تعالى: {وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا} [مريم: ٩٢] وقوله: {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ} [يس: ٦٩] وقوله: {وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ (٢١٠) وَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ} [الشعراء: ٢١٠ - ٢١١]. وقوله على لسان نبيه: "كذَّبني ابنُ آدم


(١) أخرجه البخاري (١٤٧٧) ومسلم (٥٩٣) من حديث المغيرة بن شعبة.
(٢) ح: "فغلطوا".
(٣) وقال نحوه في "الداء والدواء" (ص ٣٠٩) و"بدائع الفوائد" (٤/ ١٣٠٧).