للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

غير مباح.

وقد قال مالك في كثير من أجوبته: أكره كذا، وهو حرام. فمنها: أن مالكًا نصَّ على كراهة الشِّطْرَنج (١). وهذا عند أكثر أصحابه على التحريم، وحمله بعضهم على الكراهة التي هي دون التحريم (٢).

وكذلك قال الشافعي في اللَّعِب بالشِّطْرنج: إنه لَهْوٌ شبهُ الباطل، أكرهه ولا يتبيَّن لي تحريمه (٣). فقد نصَّ على كراهته، وتوقَّف في تحريمه. فلا يجوز أن يُنسَب إليه وإلى مذهبه أنَّ اللعب بها جائز، وأنه مباح؛ فإنه لم يقل هذا ولا ما يدلُّ عليه. والحقُّ أن يقال: إنه كرِهَها، وتوقَّف في تحريمها. فأين هذا من أن يقال: إن مذهبه جواز اللعب بها وإباحته؟ (٤).

ومن هذا أيضًا: أنه نصَّ على كراهة تزوُّج الرجلِ بنتَه المخلوقةَ من ماء الزنا (٥)، ولم يقل قطُّ: إنه مباح ولا جائز. والذي يليق بجلالته وإمامته ومنصبه الذي أحلَّه الله به من الدين أن هذه الكراهة منه على وجه التحريم، وأطلق لفظَ الكراهة لأن الحرام يكرهه الله ورسوله (٦).

وقد قال تعالى عقيب ذكر ما حرَّمه من المحرَّمات من عند قوله:


(١) "الموطأ" (٢/ ٩٥٨).
(٢) انظر: "الاستذكار" (٨/ ٤٦٠) و"التمهيد" (١٣/ ١٨١) و"المنتقى" (٧/ ٢٧٨).
(٣) لفظ الشافعي في "الأم" (٦/ ٢٢٤): "ولا نحب اللعب بالشطرنج، وهو أخفّ من النرد". وانظر: "السنن الكبير" للبيهقي (١٠/ ٣٥٧).
(٤) وانظر: "الفروسية" للمصنف (ص ٢٤٣).
(٥) انظر: "المجموع شرح المهذب" (١٦/ ٢٢٢).
(٦) وانظر: "مجموع الفتاوى" (٣٢/ ١٤٢).