للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومثله لو قدِّمت له دابةٌ ليركبها، فظنَّها قَطُوفًا (١) أو جَمُوحًا (٢) أو متعسِّرة الركوب فحلف لا يركبها، فظهرتْ بخلاف ذلك، لم يحنث بركوبها.

وقال أبو القاسم الخرقي في «مختصره» (٣): ويُرجَع في الأيمان إلى النية؛ فإن لم ينوِ شيئًا رجع إلى سبب اليمين وما هيَّجها.

وقال أصحاب الإمام أحمد: إذا دُعِي إلى غداء فحلف أن لا يتغدَّى، أو قيل له (٤) اقعد فحلف أن لا يقعد، اختصَّتْ يمينُه بذلك الغداء وبالقعود في ذلك الوقت؛ لأن عاقلًا لا يقصد أن لا يتغدَّى أبدًا ولا يقعد أبدًا.

ثم قال صاحب «المغني» (٥): إن كان له نية فيمينه على ما نوى، وإن لم تكن له نية فكلام أحمد يقتضي روايتين؛ إحداهما: أن اليمين محمولة على العموم؛ لأن أحمد سُئل عن رجل حلف أن لا يدخل بلدًا لظلمٍ رآه فيه فزال الظلم، قال أحمد: النذر يُوفي به، يعني لا يدخله. ووجهُ ذلك أن لفظ الشارع إذا كان عامًّا لسبب خاصٍّ وجبَ الأخذُ بعموم اللفظ دون خصوص السبب، كذلك يمين الحالف.

ونازعه في ذلك شيخنا، فقال (٦): إنما منعه أحمد من دخول البلد بعد


(١) من قَطَفَت الدابة: أبطأتْ.
(٢) من جَمَح، أي: عَتَتْ عن أمر صاحبها حتى غلبتْه.
(٣) انظره بشرحه «المغني» (١٣/ ٥٤٣، ٥٤٥).
(٤) «له» ليست في ز.
(٥) (١٣/ ٥٤٥).
(٦) لم أجد كلامه هذا في كتبه المطبوعة.