المفسدة التي هي بالنسبة إلى مفسدة التحليل كتَفْلَةٍ في بحر فتسويغُه لدفع مفسدة التحليل أولى.
يوضحه الوجه الثاني: أن الحيل المحرَّمة إنما منع منها لما تتضمَّنه من الفساد الذي اشتملت عليه تلك المحرَّمات التي يُتحيَّل عليها بهذه الحيل، وأما حيلة ترفع مفسدة هي من أعظم المفاسد فإن الشارع لا يحرِّمها.
يوضحه الوجه الثالث: أن هذه الحيلة تتضمَّن مصلحة بقاء النكاح المطلوب للشارع بقاؤه، ودفْعَ مفسدةِ التحليل التي بالغ الشارع كل المبالغة في دفعه والمنع منه ولعْن أصحابه، فحيلةٌ تحصِّل المصلحة المطلوبَ إيجادُها وتدفع المفسدةَ المطلوبَ إعدامُها لا يكون ممنوعًا منها.
الوجه الرابع: أن ما حرَّمه الشارع فإنما حرَّمه لما يتضمَّنه من المفسدة الخالصة أو الراجحة، فإذا كانت مصلحة خاصة أو راجحة لم يحرِّمه البتةَ، وهذا الخلع مصلحته أرجح من مفسدته.
الوجه الخامس: أن غاية ما في هذا الخلع اتفاق الزوجين ورضاهما بفسخ النكاح لغيرِ شقاقٍ واقع بينهما، وإذا وقع الخلع من غير شقاقٍ صحَّ، وكان غايته الكراهة؛ لما فيه من مفسدة المفارقة، وهذا الخلع أريد به لَمُّ شَعَثِ النكاح بحصول عقدٍ بعده يتمكَّن الزوجان فيه من المعاشرة بالمعروف، وبدونه لا يتمكَّنانِ من ذلك، بل إما خراب البيت وفراق الأهل، وإما التعرُّض للعنةِ من لا يقوم للعنتهِ شيء، وإما التزام ما حلف عليه وإن كان فيه فساد دنياه وأخراه، كما إذا حلف [١٧١/أ] ليقتلنَّ ولده اليوم، أو ليشربنَّ هذا الخمر، أو ليطأنَّ هذا الفرج الحرام، أو حلف أنه لا يأكل ولا يشرب ولا يستظلُّ بسقفٍ ولا يُعطي فلانًا حقَّه، ونحو ذلك، فإذا دار الأمرُ بين مفسدة