للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التزام المحلوف عليه أو مفسدة الطلاق وخراب البيت وشَتَات الشمل أو مفسدة التزام لعنة الله بارتكاب التحليل وبين ارتكاب الخلع المخلِّص من ذلك جميعِه لم يَخْفَ على العاقل أيُّ ذلك أولى.

الوجه السادس: أنهما لو اتفقا على أن يطلِّقها من غير شقاقٍ بينهما، بل ليأخذ غيرها، لم يمنع من ذلك، فإذا اتفقا على الخلع ليكون سببًا إلى دوام اتصالهما كان أولى وأحرى.

ويوضحه الوجه السابع: أن الخلع إن قيل «إنه طلاق» فقد اتفقا على الطلاق بعوضٍ لمصلحة لهما في ذلك، فما الذي يحرِّمه؟ وإن قيل «إنه فَسْخ» فلا ريبَ أن النكاح من العقود اللازمة، والعقد اللازم إذا اتفق المتعاقدان على فسخه ورفعه لم يُمنعا من ذلك، إلا أن يكون العقد حقًّا لله، والنكاح محضُ حقِّهما، فلا يُمنعان من الاتفاق على فسخه.

الوجه الثامن: أن الآية اقتضت جواز الخلع إذا خاف الزوجان أن لا يقيما حدود الله، فكان الخلع طريقًا إلى تمكُّنهما من إقامة حدود الله، وهي حقوقه الواجبة عليهما في النكاح، فإذا كان الخلع مع استقامة الحال طريقًا إلى إقامة حدوده التي تُعطَّل ولا بدَّ بدون الخلع تعيَّن الخلعُ طريقًا إلى إقامتها.

فإن قيل: لا يتعيَّن الخلع طريقًا، بل هاهنا طريقان آخران، أحدهما: مفارقتهما (١)، والثاني: عدم إلزام الطلاق بالحنث إذا أخرجه مُخرجَ اليمين إما بكفارة أو بدونها، كما هي ثلاثة أقوال للسلف معروفة صرَّح بها


(١) ز: «مفارقتها».