للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبو محمد ابن حزم (١) وغيره.

قيل: نعم هذان طريقان، ولكن إذا أحكم سدّهما غاية الإحكام، ولم يُمكِنْه سلوكُ أحدهما، وأيَّهما سلكَ ترتَّب عليه غاية الضرر في دينه ودنياه= لم يحرم عليه ــ والحالة هذه ــ سلوكُ طريق الخلع، وتعيَّن في حقِّه طريقان: إما طريق الخلع، وإما سلوك طريق أرباب اللعنة.

وهذه المواضع وأمثالها لا تحتملها إلا العقول الواسعة التي لها (٢) إشراف على أسرار الشريعة ومقاصدها وحِكَمها، وأما عقلٌ لا يتسع لغير تقليد من اتفق له تقليده وترك أقوال جميع أهل العلم لقوله فليس الكلام معه.

الوجه التاسع: أن غاية ما منع المانعين من صحة هذا الخلع أنه حيلة، والحيل باطلة؛ ومنازعوهم ينازعونهم في كلتا المقدمتين، فيقولون: الاعتبار في العقود بصورها دون نيّاتها ومقاصدها، فليس لنا أن نسأل الزوج إذا أراد خلْعَ امرأته: ما أردتَ بالخلع؟ وما السبب الذي حملَك عليه؟ هل هو المشاقَّة أو التخلُّص من اليمين؟ بل نُجرِي حكم التخالع على ظاهره، ونَكِلُ سرائر الزوجين إلى الله.

قالوا: ولو ظهر لنا قصد الحيلة فالشأن في المقدمة الثانية، فليس كل حيلةٍ باطلةٌ محرَّمة، وهل هذا الفصل الطويل الذي نحن فيه إلا في أقسام [١٧١/ب] الحيل؟ والحيلة المحرَّمة الباطلة هي التي تتضمَّن تحليل ما حرَّمه


(١) في «المحلَّى» (١٠/ ٢١٣).
(٢) ز: «لا لها».