للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بدون اشتهارها= كانت هذه الأمة العدلُ الخيارُ قد أصفقَتْ (١) على خلاف الحق، بل انقسموا قسمين: قسمًا (٢) أفتى بالباطل، وقسمًا سكت عن الحق، وهذا من المستحيل، فإن الحق لا يعدوهم ويخرج عنهم إلى مَن بعدهم قطعًا، ونحن نقول لِما (٣) خالف أقوالهم: لو كان خيرًا ما سبقونا إليه.

الوجه العاشر: أن (٤) قوله تبارك وتعالى: {وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ [١٧٨/ب] وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} الآية [الحج: ٧٨]، فأخبر سبحانه أنه اجتباهم، والاجتباء كالاصطفاء، وهو افتعال من «اجتبى الشيءَ يجتبيه» (٥) إذا ضمَّه إليه وحازَه إلى نفسه، فهم المجتَبَون الذين اجتباهم الله إليه وجعلهم أهله وخاصَّته وصفوتَه من خلقه بعد النبيين والمرسلين، ولهذا أمرهم سبحانه أن يجاهدوا فيه حقَّ جهاده، فيبذلوا له أنفسهم، ويُفرِدوه بالمحبة والعبودية، ويختاروه وحده إلهًا معبودًا محبوبًا على كل ما سواه كما اختارهم على من سواهم، فيتخذونه وحدَه إلههم ومعبودهم الذي يتقرَّبون إليه بألسنتهم وجوارحهم وقلوبهم وإرادتهم (٦) ومحبتهم، فيُؤثِرونه في كل حال على ما سواه، كما


(١) أي اجتمعت وأطبقت.
(٢) ك، ب: «قسم» في الموضعين.
(٣) في المطبوع: «لمن» خلاف النسخ.
(٤) «أن» ليست في ك.
(٥) ك، ب: «جبى الشيء يجبيه».
(٦) «وإرادتهم» ليست في ز.