للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نحن أو شيوخنا أو شيوخهم أو من قلَّدناه أسعدَ بالصواب منهم في مسألة من المسائل؟ ومن حدَّث نفسَه بهذا فلْيُعْرِها (١) من العلم والدين، والله المستعان.

الوجه الرابع والأربعون: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تزال طائفةٌ من أمتي ظاهرين على الحق» (٢). وقال علي - رضي الله عنه -: لن تخلو الأرض من قائمٍ لله بحُججه لكي لا تَبطُلَ حجج الله وبيناته (٣). فلو جاز أن يخطئ الصحابي في حكم، ولا يكون في العصر ناطقٌ بالصواب في ذلك الحكم، لم يكن في الأمة قائم بالحق في ذلك الحكم؛ لأنهم بين ساكتٍ ومخطئ، ولم يكن في الأرض قائمٌ لله بحججه في ذلك الأمر، ولا من يأمر فيه بمعروف أو ينهى فيه عن منكر، حتى نبغتْ نابغةٌ فقامت بالحجة وأمرتْ بالمعروف ونهتْ عن المنكر، وهذا خلاف ما دلَّ عليه الكتاب والسنة والإجماع.

الوجه الخامس والأربعون: أنهم إذا قالوا قولًا أو بعضهم ثم خالفهم مخالف من غيرهم كان مبتدئًا لذلك القول ومبتدعًا له، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديِّين من بعدي، تمسَّكوا بها، وعَضُّوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثاتِ الأمور، فإن كل بدعة ضلالة» (٤). وقولُ من جاء بعدهم يخالفهم من محدثات الأمور، فلا يجوز اتباعهم.


(١) ك: «فليعزها». والمعنى: فلينزعْ عنها العلم والدين.
(٢) رواه مسلم (١٩٢٠) من حديث ثوبان. وروي عن غيره من الصحابة، انظر: «السلسلة الصحيحة» (٢٧٠، ١١٠٨، ١٩٥٦).
(٣) هذا جزء من وصيته لكُميل بن زياد، وقد تقدم تخريجه.
(٤) تقدم تخريجه.